نام کتاب : الشفاء - الطبيعيات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 45
و يفارق القسم الثاني بأن[1]الذهن و إن لم يضطر في تصور المقدار إلى أن يجعل له مادة مخصوصة،
فالقياس و العقل لا يضطره إليها[2]أيضا،
إذ الذهن يستغنى في نفس تصور المقدار عن[3]تصوره في المادة. و القياس لا يوجب أيضا أن يكون للمقدار اختصاص
بمادة نوعية معينة، لأن المقدار لا يفارق شيئا من المواد، فليس مما يكون خاصا
بمادة[4]، و مع ذلك فهو مستغن في
التوهم و التحديد[5]عن المادة. و قد ظن[6]أن
البياض و السواد هذا حكمه[7]أيضا،
و ليس كذلك، فإنه لا التصور التخيلى[8]و
لا الرسوم و لا الحدود المعطاة لها[9]تغنى
عن ذلك إذا حقق و استقصى، و إنما يتجردان بمعنى آخر و هو أن المادة ليس[10]جزء قوامهما كما هو[11]جزء
قوام المركب[12]، لكنه[13]جزء حديهما.
و كثير من الأشياء يكون جزء حد الشيء و لا يكون جزءا من قوامه إذا
كان حده يتضمن نسبة ما إلى شيء خارج عن وجود الشيء.
و قد شرح هذا المعنى[14]في
كتاب البرهان، فصناعة الحساب و صناعة الهندسة صناعتان لا تحتاجان في إقامتهما
البراهين أن تتعرضا[15]للمادة الطبيعية أو تأخذا مقدمات تتعرض للمادة بوجه، لكن صناعة الكرة[16]المتحركة و أشد منها صناعة الموسيقى، و أشد منها صناعة المناظر، و
أشد من ذلك صناعة الهيئة تأخذ المادة أو شيئا[17]من عوارض المادة، و ذلك لأنها[18]تبحث عن أحوالها[19]، فمن الضرورة أن[20]تأخذها[21]. و ذلك لأن هذه الصناعات إما أن تبحث عن عدد لشيء[22]أو مقدار[23]أو
شكل[24]في شيء، و العدد و المقدار و الشكل عوارض لجميع الأمور الطبيعية. و
يعرض مع العدد و المقدار[25]اللواحق
الذاتية أيضا بالعدد و المقدار، فإذا أريد أن يبحث عما يعرض من أحوال العدد و
المقدار في أمر من الأمور الطبيعية لزم ضرورة أن يلتفت[26]إلى ذلك الأمر الطبيعى و كأن الصناعة الطبيعية[27]صناعة بسيطة و الصناعة[28]التعليمية
التي هى حساب صرف و هندسة صرفة صناعة بسيطة و يتولد ما بينهما صنايع موضوعاتها من
صناعة و محمولات المسائل فيها من صناعة. و إذا[29]كان بعض العلوم