نام کتاب : الشفاء - الطبيعيات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 44
فيكون النظر في طبيعة العدد من حيث هى كذلك نظرا رياضيا، و أما[1]المقادير فإنها تشارك المتعلقات بالمادة و تباينها[2]، أما مشاركتها للمتعلقات
بالمادة فلأن المقادير هى من[3]المعانى
القائمة في المادة لا محالة، و أما مباينها فمن جهات. من ذلك[4]أن من الصور الطبيعية ما يظهر من أمره في أول الأمر أنه لا يصلح أن
يكون عارضا لكل مادة اتفقت مثل الصورة التي للماء من حيث هى[5]ماء، فإنها مستحيلة[6]أن
توجد في المادة الحجرية من حيث هى على مزاجها لا كالتدوير الذي يصح[7]أن يحل المادتين جميعا و أى مادة كانت، و الصورة[8]الإنسانية و طبيعتها فإنها مستحيلة[9]أن توجد في المادة الخشبية، و هذا أمر لا يلزم الذهن في تحققه[10]كثير تكلف، بل يقرب[11]مناله[12]، و منها ما لا يستحيل في
بادى النظر أن يعرض لأى مادة اتفقت مثل البياض و السواد و أشياء من هذا الجنس، فإن
الذهن لا يستوحش من إحلالها أية مادة اتفقت، لكن العقل و النظر يوجبان من بعد أن
طبيعة البياض و السواد[13]غير
عارضة إلا لمزاج و استعداد مخصوص، و أن المستعد للتسود بمعنى التلون لا بمعنى
التصبغ ليس قابلا للبياض الذي بذلك المعنى لأمر في مزاجه و غريزته، لكنهما و إن
كانا[14]كذلك فلا يتصور و لا واحد منهما في الذهن إلا مقارنا لأمر ليس هو هو،
و ذلك الأمر هو السطح أو المقدار المباين للون في المعقول. ثم قد يتشارك أيضا هذان
القسمان المذكوران في أمر، و هو أن الذهن لا يعقل[15]واحدا منهما إلا و قد[16]لحقه
خاصية نسبة إلى أمر آخر يقارن[17]ذاته
كالموضوع. فإن الذهن إذا أحضر صورة الإنسان[18]لزمه أن يحضر معها نسبة لها إلى مادة مخصوصة لا تتخيل إلا كذلك. و
البياض أيضا إذا أحضره التصور أحضر معه انبساطا هو فيه ضرورة و أبى[19]أن يتصور بياضا[20]إلا
تصور[21]قدرا. و معلوم أن البياضية غير القدرية، و نجعل نسبة البياضية[22]إلى القدرية شبيهة بنسبة شيء إلى أمر موضوع له. ثم المقدار يفارق
هذين الصنفين فيما يشتركان فيه، إذ الذهن يقبل[23]المقدار على أنه مجرد، و كيف لا يقبله[24]و هو محتاج إلى استقصاء[25]في
البحث حتى ينكشف له أن المقدار لا يوجد إلا في مادة و يفارق القسم الأول[26]بشيء يخصه، و هو أن الذهن إذا تكلف نسبة المقدار إلى المادة لم يضطر
إلى[27]أن يعد له[28]مادة
مخصوصة