نام کتاب : الشفاء - الطبيعيات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 314
ذلك لا بجسميته[1]، بل لأن فيه مبدأ أو قوة
معدة نحو ذلك المكان. فإن[2]كانت
تلك القوة مقتضية لذلك المكان، و جرميته[3]غير ممتنعة بما هى جرمية[4]عن
الانتقال و الحركة، فلا مضادة[5]فيه
لقوته، و لا لمقتضى[6]قوته تقتضى حيزا آخر. لأنه لا يجوز أن يكون في جسم واحد غير مختلف
الأجزاء قوتان تتضادان[7]و
تقتضيان[8]فعلين متمانعين، إذ القوى كونها قوى بحسب فعلها، و إذا تمانعت
أفعالها، تمانعت طبائعها، فاستحالت[9]أن
تكون معا لجسم[10]. فإن الجسم الذي فيه قوة ما، هو أن فيه مبدأ فعل ما يصدر[11]لا محالة إن لم يكن عائق، و إن[12]لم يكن الجسم بحيث يصدر عنه ذلك الفعل، إن لم يمنع مانع من خارج،
فليس فيه تلك القوة، و إذا[13]كان[14]فيه قوتان تتضادان، صح صدور فعلين متضادين، و هذا محال.
فإذن من المحال أن يكون في جسم بسيط مفرد[15]، أو في غالب جسم مركب،
قوتان: واحدة تقتضى مكان و الأخرى تمنع عنه. ثم الجسم قابل للحركة من مقتضى
الحركة، فيلزم أن الجسم إذا قسر على مفارقة مكانه الطبيعى[16]، أن يتحرك إلى مكانه
الطبيعى، عند ما يفارق القاسر من خارج. و مما يبين هذا[17]آن كل جسم ليس فيه مبدأ ميل ما، فإن نقله عما هو عليه من أين أو وضع
يقع لا في زمان، و ذلك محال، بل يجب أن يكون كل جسم يقبل تحريكا و إمالة طارئة،
ففيه مبدأ ميل طبيعى في نفس ما يقبله، كان أينا أو وضعا.
و لنعين الكلام على[18]التحريك
المكانى[19]على سبيل إيضاح المقصود فيما[20]هو أظهر، و إن كان المكانى و الوضعى فى مذهب البيان واحدا[21]. إن[22]الأجسام الموجودة ذوات الميل، كالثقيلة، و الخفيفة. أما الثقيلة فما
يميل إلى أسفل، و أما الخفيفة فما[23]يميل
إلى فوق. فإنها كلما ازدادت ميلا كان قبولها للتحريك النقلى أبطأ، فإن نقل الحجر
العظيم الشديد الثقل أو جره، ليس كنقل الحجر الصغير القليل الثقل وجره[24]، و زج الهواء القليل في الماء،
ليس كزج الهواء الكثير. و أما ما يعترى الأجسام الصغيرة. مثل الخردلة و مثل التبنة
و نحاتة الخشب، من أنها لا تنفذ عند الرمى فى الهواء نفوذ الثقيل، فليس السبب فيه
أن الأثقل أقبل للرمى و الجر، بل لأن بعض هذه لصغرها لا يقبل من الدافع قوة محركة
لها و لما يليها يبلغ من شدتها أنها يقدر بها على خرق الهواء و مع ذلك فيكون سريع
الاستحالة