نام کتاب : الشفاء - الطبيعيات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 310
و حال القواسر حال هذه الأعراض، لأن القواسر لا تقوم ماهيته، و لا
تلزم ما يقوم ماهيته. فإن القاسر هو الذي يرد من خارج، فيفيد حالا لولاه لما كان
لذلك الجسم تلك الحال. و ليس شيء من هذه واجبا أن يكون من الماهية أو لازما
للماهية، فتوهم الجسم و لا قاسر يقسره، ليس ممتنعا بالقياس إلى طبيعة الجسم، و
توهم الجسم غير ذى أين يخصه أو حيز ممتنع بالقياس إلى طبيعة الجسم[1]. فالجسم تلزمه فى طبيعته التي له أن يكون[2]له حيز، ذلك الذي لو لا القاسر الذي يجوز أن لا يكون، لكان له. و
كذلك الشكل-- و الكيف و غير ذلك، و كذلك وضع الأجزاء إن كان له أجزاء بالفعل. فكل[3]جسم، فله حيز طبيعى، فإن كان ذا مكان كان حيزه مكانا.
و لقائل أن يقول: إن الأرض جرم[4]بسيط و تقتضى طبيعته اليبس[5]الذي فيه، فلا يخلو إما أن يقتضى له شكلا أو لا يقتضى، فإن اقتضى له
شكلا فيجب أن يقتضى شكلا[6]مستديرا
لبساطته، فحينئذ إما أن يكون اليبس يساعد مقتضى طبيعته، فيجب أن تكون الأرض إذا
سلب جزء منها الشكل المستدير بأن يشكل شكلا[7]آخر، أن يعود بطبيعته فيستدير. و ليس الموجود كذلك، و إن كان اليبس
يمنع ذلك، و يجول بين طبيعة ذلك الجزء و مقتضاه و اليبس صادر عن طبيعته، فيجب أن
تكون طبيعة واحدة تقتضى معنيين متفاوتين[8]متقابلين، و ليس هذا بجائز.
فنقول إن اليبس إنما يفيض[9]عنه ليحفظ ما تقتضيه طبيعته من الشكل الطبيعى حفظا قويا جدا، فإذا
حفظ شكله، لزم من ذلك أن يحفظ فى كل جزء ما توجبه طبيعته إيجابا أوليا من انبساط[10]الذاهب إلى شكله. فإذا ثلم شيء من شكله بقسر القاسر، لم يكن للباقى[11]منه حس و شعور[12]بما
حدث، بل كان عليه أن يستحفظ ما[13]أوجبته
الطبيعة. و إن[14]عادت الطبيعة فأوجبت انبساطا آخر كانت الطبيعة هى المناقضة لموجبها الأول،
فكان[15]حينئذ مقتضى الطبيعة بهذه[16]الحال، ضد مقتضاها الأول، و مخالفا لمقتضى اليبس الذي تقتضيه
الطبيعة. و لا يبعد أن تكون الطبيعة تقتضى فى حال عارض، أمرا مناقضا و مقابلا لما
تقتضيه فى حال كونه سالما. فليس إذن المقتضيان[17]متضادين متمانعين[18]صادرين
عن قوة واحدة بحال واحدة حتى يكون محالا، بل أحدهما يصدر عن القوة و هى على حالها[19]