نام کتاب : الشفاء - الطبيعيات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 210
الذي يقال لا على جهة السلب، فقد يقال لمقابلة التناهى بالحقيقة، و
هو أن يكون الشيء من شأن طبيعته و ماهيته أن تكون له نهاية، ثم ليست. و هذا يقال[1]على وجهين: أحدهما على أنه من[2]شأن نوعه و طبيعته أن تكون له نهاية، لكنه ليس من شأنه بعينه أن يكون
له ذلك، مثل الخط غير[3]المتناهى لو كان، فإنه[4]ليس
يجوز أن يكون خط واحد بالعدد موضوعا للتناهى و لغير التناهى. لكن طبيعة الخط قابلة
لأن تكون متناهية، عند من يضع خطا غير متناه، إنما الشك فى غير المتناهى. فإن[5]كان هذا الخط غير[6]المتناهى[7]ليس من شأنه أن يكون هو[8]بعينه
وقتا آخر متناهيا، و هذا المعنى من معنى[9]غير[10]المتناهى هو الذي يريد أن يبحث عنه، و هو الذي أى شيء أخذت منه، و
أى أمثال[11]أخذت لذلك الشيء منه[12]وجدت
شيئا خارجا عنه، و الثاني أن يكون من شأنه أن تعرض له نهاية لكنها غير موجودة[13]بالفعل، مثل الدائرة فإنها لا نهاية لها، لست أعنى أن سطح الدائرة
غير محدود بحد هو المحيط، بل إنما أعنى، المحيط، فإنه ليس منه نقطة بالفعل ينتهى
عندها الخط، بل هو متصل لا فصل فيه، لكنه من شأنه أن تفرض فيه نقطة تكون تلك
النقطة حدا لها[14]، فإن فى[15]الدائرة نقطا بالقوة على هذه الصفة كم شئت يخرج بالفعل[16]بقطع أو فرض، إذ لا نقطة إلا[17]و هى[18]بهذه الصفة أعنى طرف خط ثم لا خط هناك بالفعل إلا المحيط.
فهذه هى الوجوه التي يقال عليها لا نهاية بالحقيقة. و أما الذي يقال
بالمجاز، فإنه يقال لما لا يقدر على أن ينتهى و يحد بالحركة، كالطريق بين الأرض و
السماء أنه لا نهاية له، و إن كان له نهاية. و يقال أيضا لما يعسر ذلك فيه و إن
كان ممكنا شبيها[19]للعسر[20]بالمعدوم. فهذه[21]وجوه
مفهوم لا نهاية، و غرضنا أن نبحث عما لا نهاية له من جهة أنه هل يكون من الأجسام
أجسام هى بمقدارها أو بعددها بحيث أى شيء أخذت منها دائما[22]وجدت شيئا خارجا عنه[23]، فإنه قد أوجب قوم وجود
ذلك. و السبب فى ذلك أمور: من ذلك صدق قول القائل إن الأعداد تذهب فى الازدياد و
التضعيف إلى ما لا نهاية له، أو أنها لا تتناهى فى ذلك. فإذا كان كذلك، فقد وجد
لها معنى أنها لا تتناهى، و كذلك[24]للمقادير
فى الانقسام. و من ذلك ما يظن من أمر الزمان أنه يلزم أن لا يتناهى فيما مضى[25]و لا يستقبل امتداد لا تضعيفا فقط مبتدأ من متناه، و لا قسمة فقط. قالوا:
لأنه كلما انتهى الزمان إلى أول ماض أو آخر مستقبل وجب أن يكون لماضيه قبل و
لمستقبله بعد، و على[26]ما أشرنا إليه قبل، قالوا: و ذلك كله زمان.