responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا    جلد : 1  صفحه : 97

«كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا، إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ».

قد مر سابقا أن هذه الأجسام الطبيعية منشورة في الدنيا مطوية في الآخرة، و الأرواح بعكس ذلك، و لهذا الكلام معنيان.

أحدهما، بحسب المقايسة و النسبة، يعني أن هذه الأجسام و إن كانت بالفعل هاهنا، لكنها لقصور وجودها و حقارتها بالقياس إلى موجودات عالم الآخرة مقهورة مدروسة، و كذا الأرواح و إن كانت موجودة بالفعل هناك فهي بالقياس إلى مشاعر هذه الأدنى، لقصورها و احتجابها يغيب عنها تلك الموجودات الجلية الباهرة.

و ثانيهما، أن هذه الأجسام تستحيل و تتقلب في حركاتها الذاتية و استحالاتها الجوهرية إلى أن تصير منطوية في صورة عقلية صائرا كل منها روحا محضا كما في الابتداء كانت أرواحا نازلة إلى منازل الأجسام، فافهم.

و قوله: «يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ...» ففيه استدلال على وقوع النشأة الآخرة بتطورات الإنسان في أطوارها الوجودية على نحو التوجه إلى الكمال شيئا فشيئا، فلا بد لهذه الحركة الرجوعية في القوس العروجي من غاية أخيرة يقف لديها و يقوم عندها، و تلك الغاية لا يمكن أن يكون من الأكوان الخلقية الطبيعية، و إلا لاحتاجت إلى غاية أخرى فيتسلسل أو يدور و هما محالان، فهي أمر أخرى و كون تام خارج عن سلسلة ذوي الغايات من الأكوان الناقصة. قوله: «وَ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ» و قوله: «أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ».

و اعلم أن هذه الحجج القرآنية كما يجري في إثبات النشأة الآخرة للإنسان كذلك يجري في إثباتها لجملة العالم و هو الإنسان الكبير، لأن العلة مشتركة و هو لزوم الحكمة و ترتب الغاية و بطلان العبث و الجزاف، فإن هذه الحسبان المذكور في قوله: «أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً» منشؤه غطاء على البصيرة يورث الجهل بأن لكل خلق فائدة و حكمة، و لكل طبيعة كونية غاية ذاتية، و أن لكل أجل كتابا، و لو لم يكن للطبائع الكونية غايات‌

نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا    جلد : 1  صفحه : 97
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست