نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 3
إلى حد العقل بالفعل، و هو جوهر عقلي نوراني فيه صور جميع الموجودات
على وجه مقدس، و هو نور يتراءى فيه الأشياء كما هي و إنما يحصل له هذا العقل
البسيط و النور الشريف بالنظر في حقائق الموجودات و التدبر في آيات اللّه الكائنة
في الأرض و السماوات لا بالإعراض عنها كما قال: «وَكَأَيِّنْ
مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَ هُمْ عَنْها
مُعْرِضُونَ»و مما يدل على
وجوب النظر و التفكر و اكتساب الحكمة و المعرفة قوله: «قُلِانْظُرُوا
ما ذا فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ»و
قوله: «أَوَ لَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ
السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَ أَنْ عَسى أَنْ
يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ»و في هذه الآية دلالة على أن حياة الإنسان بعد
الموت و المفارقة عن هذه النشأة الزائلة بالمعارف و التصديق بحقائق الأشياء كما
هي، و قوله: «قُلْسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا
كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ».
و هذا السير المأمور به ليس إلا السير الفكري و الحركة المعنوي دون
تعب الجوارح، و ستعلم بيان ما أشرنا إليه من أن بناء النشأة الآخرة للإنسان و
عمارتها إنما هي بما يتقرر في نفسه من صور الاعتقادات، و قوله: «أَوَ لَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ
يُعِيدُهُ»ثم إنه قد مدح
اللّه الناظرين في ماهيات الأشياء و المتفكرين في خلق السماوات و الأرض و الذاكرين
للّه من ملاحظة آثار صنعه و جوده في مواضع كثيرة: كقوله «وَيَتَفَكَّرُونَ
فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ»و
قوله تعالى «الَّذِينَيَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ
قُعُوداً، وَ عَلى جُنُوبِهِمْ، وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ
الْأَرْضِ»و الإشارة إلى
العروة الوثقى و العمدة العظمى في التقرب إلى اللّه و الفوز بالسعادة الأخروية، هي
اقتناء العلم و المعرفة دون مجرد العمل و الطاعة، و إن كان العمل الصالح وسيلة
إليه، و أنها هي الثمرة و الغاية و العمل كالزرع و هي النتيجة و العمل كالمقدمة و
هي المخدومة و السلطان، و العمل كالخادم و العبد و الأجير، قال: «إِلَيْهِيَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ
يَرْفَعُهُ»و قال: «لَيْسَالْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ
الْمَغْرِبِ وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ
الْمَلائِكَةِ وَ الْكِتابِ وَ النَّبِيِّينَ»و قال تعالى:
«أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ
عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ».
نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 3