نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 161
الحس و الحركة، و لهذا يحتاج في بقائه الدنيوي إلى معاونات و معونات
خارجية تعاونه و تعينه و تحفظه و تصونه عن الآفات و الأضداد، كما قال:وَ هُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَ
يُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً،و
قوله:لَهُ مُعَقِّباتٌ
مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ،و إليه الإشارة بقوله:خُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً،و بقوله:إِنْ
يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَ
الْمَطْلُوبُ.
و بالجملة ليس له ما دام الحياة الدنيوية مقام خاص في الوجود لا
يتعداه، «ياأَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ»،و لأجل هذه الخاصية يمكنه التطور في الأطوار و
الخروج من كل ما له من الكون المستعار، و الانتقال من هذه الدار إلى عالم الآخرة و
دار الأبرار، و المهاجرة من بيته الذي فيه مهاجرا إلى اللّه الواحد القهار، كما في
قوله:وَ مَنْ يَخْرُجْ
مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ
فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ،و إذ ليس له مقام معين، فله السير إلى جميع المقامات، و إذ ليس له
صورة معينة، فله التصور بكل صورة و التحلي بكل حلية، قال الشاعر:
لقد صار قلبي قابلا كل صورة
فمرعى لغزلان و ديرا لرهبان
إذا تقرر ما ذكرناه فنقول: إن حقيقة الأمانة و هي المعبر عنها تارة
بفضل اللّه «ذلِكَفَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ
وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ»*،هي الفيض الإلهي الأتم بلا واسطة، و المراد منه الفناء عن كل شيء و
البقاء باللّه، و الإنسان من بين الممكنات مخصوص بذلك، و إنما سميت أمانة لأن
الفيض بلا واسطة هو من صفات الحق تعالى و قد حمله الإنسان لا غير، لما ذكرنا من أن
ما سواه غير مستعد لقبوله، لتقيد كل منها بوجوده الخاص، فالفلكية غير منسلخة من
الفلك حتى يبقى فارغا عنها قابلا لغيرها، و هكذا الأرضية من الأرض و الجبلية من
الجبال، و كذا كل من في السماوات و الأرض و الجبال، إذ المراد من الآية عرض
الأمانة على كل الممكنات لا على بعضها، و التقدير أنا عرضنا الأمانة على أهل
السماوات و الأرض و الجبال، و معنى عرض الأمانة عرض تحمل الفيض الوجودي على وجه
العارية المأخوذة أولا، المردودة إلى أهلها أخيرا، و قبول الفيض الوجودي الفائض من
اللّه
نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 161