نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 156
طبائعها ينحو نحو الأرض، و كالنار ينحو نحو العلو، و هدايته
للحيوانات إلى أفعال يتعاطاها بالتسخير و بالإلهام، كالنحل فيما يتعاطاه من
السياسة و أخذ البيوت المسدسات من غير إسراف و من عمل العسل، كما أشار بقوله:
وَ أَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ
بُيُوتاً وَ مِنَ الشَّجَرِ وَ مِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ
الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا،و كالعنكبوت في نسجه، و هدايته للملائكة بالتسخير و الإلهام في
أفاعليهم المختصة بهم و ببديهة العقل، لأن علومهم كلها ضرورية فطرية، فأما الإنسان
فهدايته تعالى إياه بكل ذلك و بالفكر، و ذلك أنه هداه تارة بالتسخير كما في تسخير
نفسه لقواها بالتحريك، و الاستخدام في أفاعليها الجزئية و إدراكاتها الحسية، و من
هذا القبيل حركة نبضه و جذبه للغذاء و هضمه و دفعه و غير ذلك من أفاعيله
التسخيرية، و تارة بالإلهام، كما عند الطفولية للارتضاع و مص الثدي و التشكي من
الألم بالبكاء، و طورا ببديهة العقل، فإنه يعرف الأوليات و مبادي العلوم، و طورا
بالفكر حيث يتوصل إلى استنباط المجهول بالمعلوم، فهو تعالى و إن خلق الإنسان عاريا
من المعارف التي جعلها للحيوانات بالإلهام، و من الملابس و الأسلحة التي جعلها
للحيوانات بالتسخير، و من العلوم التي جعلها للملائكة بالفطرة و البديهة، فقد جعل
للإنسان بالعقل و الفكرة قوة التعلم و قوة تحصيل الأدوات و الأسباب المتنوعة و
الآلات المختلفة كالملابس و الأسلحة، فهو مكتف بذاته في تحصيل ما ينفعه في عاجله و
آجله، حيث مكنه اللّه في استفادة ذلك و وكله إلى نفسه، و ذلك فضيلة له لا رذيلة، و
إنه رفعة له لا ضعة و نقيصة، فإن اللّه بإعطائه إياه العقل و الفكرة و اليد
العاملة قد أعطاه كل شيء، و لو أعطى له حسب ما أعطى غيره من البهائم شيئا شيئا
لكان قد منع منه سائر الأشياء، لأن فعلية البعض يمنع عن قوة سائر الأشياء.
و تحقيق هذه المسألة يحتاج إلى مقدمات غامضة ذهل عنها أكثر المنسوبين
إلى العلم، و قد ظن قوم إن اللّه خلق الناس من بين الحيوانات خلقا منقوصا، إذ لم
يعط سلاحا يدفع به عن نفسه كالأسد و النمر من الأنياب
نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 156