نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 157
و المخالب، و لا جناحا يهرب به عن الأعداء كما للطير، و لا قوة المشي
و الجري في الماء كما للحيتان، و لا الكفاية في لباسهم كما في سائر الحيوان، حيث
أغناها عن كثير ما يفتقر إليه الناس، و لأجل ذلك قال تعالى:خُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً،و ذلك الظن صحيح من وجه، فاسد من وجه، أما وجه صحته فلما أشرنا إليه
من أن فعلية الوجود و تأكد الصورة يمنع عن قبول الكمال الأعلى و الفضيلة القصوى، و
أما وجه فساده فلما زعموا أن ذلك تمام صورة الإنسان، و لم يعلموا أن ذلك ابتداء
خلقته و مادة نشوه و كماله، كالحبة بالقياس إلى الشجرة و النطفة بالقياس إلى
الحيوان، و لو كانت للحبة صلابة الحجر لم يمكن وصولها إلى غاية النمو، و لو كانت
للنطفة قوة الشجرية استحال أن يصل إلى قبول الحياة، فلو لم يكن في الإنسان بحسب
أول الفطرة الخلو عن كل فضيلة و علم، لما كان في جوهر ذاته صلوح كل فضيلة و علم، و
لأجل التنبيه على ذلك قال تعالى:وَ اللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا
تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ وَ الْأَفْئِدَةَ
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ،و
لا حاجة إلى ما ذكره بعضهم في معنى قوله تعالى:خُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً،من أن المراد أنه ضعيف بالقياس إلى الملإ الأعلى لا بالإضافة إلى
الحيوانات، بل أن هذا الضعف أعده للوصول إلى الدرجة العليا و الاستحقاق لخلافة
اللّه تعالى.
قال بعض الحكماء جعل اللّه لكل شيء كمالا ينساق إليه طبعا، و قد
هداه إلى التخصيص به تسخيرا، كما نبه عليه بقوله:أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى،و للإنسان سعادات كثيرة أبيحت له، و هي النعم المذكورة في قوله
تعالى:وَ إِنْ تَعُدُّوا
نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها،و
جميع النعم على القول المجمل ضرب دائم لا يبيد و لا يحول و هو النعم الأخروية، و
ضرب يبيد و يحول و هو النعم الدنيوية، و ما أحد إلا و هو نازع إلى سعادة يطلبها
بجهده، و لكن كثيرا يخطئ فيظن ما ليس بسعادة في ذاته أنه سعادة، فيغتر بها فيكون
كما قال تعالى:وَ
الَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً
حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً،و قوله:كَرَمادٍ
اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ،لأنها كلها غرور و فتنة كما قال الشاعر:
نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 157