فالجواهر المفارقة 3 ليس
بينها 4 تقدّم و تأخّر بالزمان و لا معيّة في الزمان، فالمعان زمانا 5 يجب أن
يكونا زمانيّين، من شأنهما التقدّم و التأخّر الزمانيّان؛ فإذا اشتركا في معنى
زمانيّ من غير تقدّم و تأخّر فيه، فهما المعان فيه.
الحكم و الإذعان، و
التصوّر ليس كذلك. و لم يلتفت إلى أنّ التصوّر كالتصديق أمر وجوديّ؛ لكونهما قسمين
من العلم الّذي هو الصورة الحاصلة من الشيء لدى العقل.
و بما ذكرنا ظهر أنّ
العلّة في عدم صدق المعيّة الزمانيّة بين الجواهر المفارقة هو عدم اشتراكهما في
الزمان. فلا حاجة في ذلك إلى ما تكلّفه، من توقّف كلّ نوع من المعيّة على قابليّة
الموضوع للتقدّم و التأخّر المقابلين لها. هذا.
نعم! يمكن أن يفسّر
التقدّم و التأخّر باختلاف المشتركين بالكمال و النقص- كما قد يلوح من قوله قدّس
سرّه: من غير اختلاف بالكمال و النقص اللذين هما التقدّم و التأخّر- و المعيّة
بعدم اختلافهما كذلك، و بذلك يتمّ ما رامه قدّس سرّه من كون تقابلهما تقابل العدم
و الملكة. و لعلّ هذا المعنى هو مراد المصنّف قدّس سرّه أيضا، و ذكره الاشتراك
المذكور في تعريفيهما لم يكن إلّا من باب زيادة الحدّ على المحدود. هذا.
و لكن بعد اللتيّا و التي
يبدو أنّ الحقّ: أنّ المعيّة أمر وجوديّ كالتقدّم و التأخّر. و ذلك لأنّها معنى
ثبوتيّ و مفهوم غير سلبيّ، تتّصف به الوجودات الخارجيّة حقيقة- و ليس مفهوما
سلبيّا، أو ممّا لا تتّصف به الوجودات العينيّة حقيقة- و قد مرّ في الفصل الثاني
من المرحلة الاولى أنّ صفات الوجود عينه.
و إذا كانت المعيّة أمرا
وجوديّا كان تقابلها مع التقدّم و التأخّر من قبيل تقابل التضادّ.