المبدء المفروض هو
المحراب، و تقدّم المأموم لو كان هو الباب، في الرتبة الحسّيّة؛ و كتقدّم كلّ جنس
على نوعه في ترتّب الأجناس و الأنواع إن كان المبدء المفروض هو الجنس العالي، و
تقدّم كلّ نوع على جنسه إن كان الأمر بالعكس، في الرتبة العقليّة. 3
و ملاك التقدّم و
التأخّر بالشرف اشتراك أمرين في معنى 4 من شأنه أن يتّصف بالفضل و المزيّة أو
بالرذيلة، كاشتراك الشجاع و الجبان في الإنسانيّة، التي من شأنها أن تتّصف بفضيلة
الشجاعة. فللشجاع ما للجبان، و لا عكس. و مثله تقدّم الأرذل على غيره في الرذالة.
و ملاك التقدّم و
التأخّر بالزمان هو اشتراك جزئين 5 مفروضين منه في وجود
3- قوله قدّس سرّه: «إن
كان الأمر بالعكس في الرتبة العقليّة»
في النسخ: «إن كان الأمر
بالعكس» فقط، و الأولى ما أثبتناه.
4- قوله قدّس سرّه:
«اشتراك أمرين في معنى»
لا موقع للفظة «اشتراك»
هنا بعد ما كان المراد من الملاك الأمر المشترك فيه، فكان عليه أن يقول: و ملاك
التقدّم و التأخّر بالشرف هو النسبة إلى النوع بفضائله أو رذائله. و هكذا الكلام
في جميع ما سيأتي، إلّا في ملاك السبق و اللحوق بالطبع.
و لا يخفى عليك: عدم
انسجام ما ذكره هنا مع ما مرّ في الفصل السابق عند بيان هذا النوع من السبق و
اللحوق، حيث جعل الأمر المشترك النسبة إلى النوع بآثار كماله أو نقصه، كمالا يوافق
ما ذكره آنفا في تفسير الملاك، حيث فسّر الملاك بالأمر المشترك فيه بين المتقدّم و
المتأخّر الّذي يوجد منه للمتقدّم ما لا يوجد للمتأخّر، فكان الأولى أن يقول: و
ملاك التقدّم و التأخّر بالشرف، النسبة إلى النوع بفضائله أو رذائله، و يختصّ
المتقدّم بأنّ له منها ما ليس للمتأخّر.
5- قوله قدّس سرّه:
«ملاك التقدّم و التأخّر بالزمان هو اشتراك جزئين ...»
و بعبارة أخرى: هو اشتراك
الجزئين في الانتساب إلى الزمان كما في بداية الحكمة.
فالسابق و اللاحق مشتركان
في الانتساب إلى الزمان، إلّا أنّ السابق بسبقه ينتسب إلى الزمان قبل انتساب
اللاحق إليه. و بعبارة أخرى: هو حامل لقوّة اللاحق، و لا ريب في تقدّم القوّة على