الفصل الثاني في ملاك
السبق و اللحوق في كلّ واحد من الأقسام 1
و المراد به- كما اشير
إليه في الفصل السابق- هو الأمر المشترك فيه بين المتقدّم و المتأخّر، الّذي يوجد
منه للمتقدّم ما لا يوجد للمتأخّر، و لا يوجد منه شيء للمتأخّر إلّا و هو موجود
للمتقدّم.
فملاك التقدّم و التأخّر
بالرتبة هو النسبة إلى المبدء المحدود 2؛ كاشتراك الإمام و المأموم في النسبة إلى
المبدء المفروض، من المحراب أو الباب، مع تقدّم الإمام لو كان
1- قوله قدّس سرّه: «في
ملاك السبق و اللحوق في كلّ واحد من الأقسام»
اختلفوا في أنّه هل يكون
للتقدّم- و كذا للتأخّر- في جميع أقسامه معنى واحد فيكون مشتركا معنويّا. أم له
معان مختلفة، فهو مشترك لفظيّ. ذهب المصنّف- رضوان اللّه تعالى عليه- تبعا لصدر
المتألّهين قدّس سرّه إلى الأوّل، و من هنا فسّر التقدّم و التأخّر بقول مطلق
باشتراك شيئين في أمر يوجد منه لأحدهما ما لا يوجد للآخر و لا يوجد منه للآخر شيء
إلّا و الأوّل واجد له. و يلزمه أنّه لا بدّ في جميع أقسام السبق و اللحوق من أمر
يكون مشتركا فيه بين المتقدّم و المتأخّر، و يسمّى ملاك السبق و اللحوق.
2- قوله قدّس سرّه: «هو
النسبة إلى المبدء المحدود»
أي: مبدء معيّن. و في استعمال
لفظة «محدود» بصيغة اسم المفعول تلويح إلى أنّ المبدء ليس في نفسه أمرا متعيّنا، و
إنّما يتعيّن بتعيين معيّن. ففيه إشارة إلى أنّ مبدئيّته باعتبار المعتبر. فيساوق
قولهم: «مبدء محدود» قولهم: «مبدء مفروض».