و قد تنبّهوا بذلك إلى
أنّ في الوجود أقساما اخر من التقدّم و التأخّر الحقيقيّين، فاستقرؤوها، فأنهوها-
أعمّ من الاعتباريّة و الحقيقيّة 15- إلى تسعة أقسام:
أي: الامتدادات الثلاثة
المتعيّنة. و إلّا فأصل الامتدادات الثلاثة موجودة للجسم بذاته، لأنّها مقوّمة له،
لكنّها امتدادات مبهمة، تتعيّن بالجسم التعليميّ، كما مرّ في الفصل الحادي عشر من
المرحلة التاسعة، و الفصل الخامس من المرحلة السادسة. و كان الأولى أن يقول: كما
أنّ للجسم الطبيعيّ قبول الانقسام في الامتداد الثلاثة بتوسّط ... ليطابق المشبّه
به المشبّه.
15- قوله قدّس سرّه:
«أعمّ من الاعتباريّة و الحقيقيّة»
فما بالرتبة اعتباريّ،
لأنّ مبدءه اعتباريّ، و لذا يمكن أن يصير المتقدّم متأخّرا و بالعكس باختلاف ما
نفرضه مبدءا.
و كذلك ما بالشّرف و
الخسّة. فإن اتّصاف كلّ من الشريف و الخسيس بما اتّصفا به و إن كان حقيقيّا، إلّا
أنّ تقدّم أحدهما على الآخر منوط بما نفرضه مبدءا، فإن فرضنا النوع بما له من
الفضائل مبدء كان الشريف مقدّما على الخسيس، و إن فرضناه بما له من الرذائل كان
الأمر بالعكس. و قد يلوح كونه اعتباريّا من قول المصنّف قدّس سرّه «فاعتبروه في
مورد الشرف» انتهى.
و ما بالزمان اعتباريّ
أيضا. من جهة أنّ الزمان واحد متّصل لا كثرة فيه إلّا بحسب الانقسام الوهميّ،
فالكثرة فيه ليست بحقيقيّة. و إذا لم تكن الكثرة حقيقيّة كان التقدّم و التأخّر
المتوقّفين عليها أولى في كونهما اعتباريّين.
و ما بالطبع و ما
بالعلّيّة حقيقيّان، لأنّ تقدّم العلّة مطلقا على المعلول في الوجود حقيقيّ لا دخل
لاعتبار المعتبر فيه.
و ما بالتجوهر اعتباريّ،
لأنّ نفس الماهيّة اعتباريّة، فأجزاؤها و تقدّمها عليها أولى بذلك.
و أيضا أجزاء الماهيّة
عينها في الوجود، فلا كثرة حتّى يتصوّر فيها تقدّم و تأخّر حقيقيّان.
و ما بالدهر و ما بالحقّ حقيقيّان،
لأنّ تقدّم الوجود الأعلى و المستقل على الأسفل و الرابط حقيقيّ.
و ما بالحقيقة و المجاز
اعتباريّ، لعدم اتّصاف المتأخّر حقيقة بالأمر المشترك.