و الأمس- يشتركان في حمل
قوّة الأجزاء اللاحقة 11، لكن ما لأحدهما، و هو اليوم، من القوّة المحمولة، محمولة
للآخر، و هو الأمس؛ و لا عكس؛ لأنّ الأمس يحمل قوّة اليوم 12، بخلاف اليوم، فإنّه
يحمل فعليّة نفسه، و الفعليّة لا تجامع القوّة. و لذا كان الجزءان من الزمان لا
يجتمعان في فعليّة الوجود. فبين أجزاء الزمان تقدّم و تأخّر لا يجامع المتقدّم
منها المتأخّر، بخلاف سائر أقسام التقدّم و التأخّر. 13 و كذا بين الحوادث التي هي
حركات منطبقة على الزمان، تقدّم و تأخّر زمانيّ بتوسّط الزمان الّذي هو تعيّنها؛
كما أنّ للجسم الطبيعيّ الامتدادات الثلاثة 14 بتوسّط الجسم
11- قوله قدّس سرّه:
«يشتركان في حمل قوّة الأجزاء اللاحقة»
فكلّ منهما حامل لقوّة ما
تلحقه من الأجزاء، إلّا أنّ السابق يحمل قوّة أكثر؛ لأنّه يحمل قوّة اللاحق، كما
يحمل قوّة الأجزاء اللاحقة للّاحق، و اللّاحق يحمل قوّة الأجزاء اللاحقة له فقط.
ثمّ لا يخفى عليك: أنّ حمل
الزمان للقوّة إنّما هو باعتبار كونه مادّيّا، و المادّة حاملة للقوّة- نظير ما قد
ينسب القوّة إلى الصورة الجسميّة أو النوعيّة- و إلّا فالزمان نفسه عرض، و الأعراض
بسيطة غير مركّبة من مادّة و صورة، و واضح أنّ القوّة و الاستعداد من شؤون المادّة
ليس غير.
12- قوله قدّس سرّه:
«يحمل قوّة اليوم»
و اليوم نفسه قوّة للأجزاء
اللاحقة، فالأمس كما يحمل قوّة الأجزاء اللاحقة يحمل قوّة قوّتها أيضا.
13- قوله قدّس سرّه:
«بخلاف سائر أقسام التقدّم و التأخّر»
فإنّ في جميعها يجامع
السابق اللاحق في الوجود، حتّى في السبق بالدهر. فإنّ السابق و اللاحق فيه أيضا
مجتمعان في الوجود، و إنّما لا يكونان مجتمعين في مرتبة الوجود بمعنى أنّ اللاحق
ليس موجودا في رتبة السابق، و إن كان السابق- لإحاطته باللاحق- موجودا في مرتبة
اللاحق.
14- قوله قدّس سرّه:
«كما أنّ للجسم الطبيعيّ الامتدادات الثلاثة»