قدرة الحيوان 5؛ و هي
علّة فاعلة يتوقّف تمام علّيّتها- بحيث يجب معها الفعل- على امور خارجة 6، كحضور
المادّة القابلة، و استقرار وضع مناسب للفعل، و صلاحيّة أدوات الفعل، و غير ذلك؛
فإذا اجتمعت تمّت العلّيّة و وجب الفعل.
فبذلك يظهر فساد تحديد
بعضهم مطلق القدرة بأنّها ما يصحّ معه الفعل و الترك؛ فإنّ نسبة الفعل و الترك إلى
الفاعل إنّما تكون بالصحّة و الإمكان إذا كان جزءا من العلّة التامّة، فإذا اخذ
وجده و بما هو علّة ناقصة و نسب إليه الفعل، لم يجب به. و أمّا الفاعل التامّ
الفاعليّة، الّذي هو وحده علّة تامّة، كالواجب تعالى 7، فلا معنى لكون نسبة الفعل
و الترك إليه بالإمكان، أعني كون النسبتين متساويتين.
5- قوله قدّس سرّه:
«سمّيت قدرة الحيوان»
المراد بالحيوان هو المعنى
المشهور منه، أعني الجسم النامي الحسّاس المتحرّك بالإرادة.
و إنّما خصّ القدرة
بالمعنى المذكور بالحيوان لأنّ المشيئة- و هي كما يظهر منه قدّس سرّه في الفصل
الثالث عشر من المرحلة الثانية عشرة مرادفة للإرادة- مختصّة به. و أمّا الواجب
تعالى فلا يتصوّر في حقّه الإرادة، كما يأتي بيانه في الفصل المذكور. و به يتبيّن
أنّها لا تتصوّر في حقّ غيره من المفارقات أيضا. فالقوّة المقارنة للعلم و المشيئة
مختصّة بالحيوان.
فإنّه تعالى على مذاق
المشّائين علّة تامّة قريبة للصادر الأوّل و علّة تامّة بعيدة لما سواه، و على
مختار صدر المتألّهين قدّس سرّه علّة تامّة قريبة لجميع الموجودات و إن كان بعضها
لا يمكن اجتماع وجوده الواحد الممتدّ؛ لمكان سيلانه و تدرّجه.
قوله قدّس سرّه: «كالواجب
تعالى»
و كالجواهر المفارقة على
مذاق المشّائين، ما سوى العقل الفعّال، و كالعقل الفعّال بالنسبة إلى المادّة و
الحركة و الزمان و الصور الفلكيّة و الصور العنصريّة الاولى، و أمّا صور المركّبات
و الصور العنصريّة الثانية الحادثة زمانا فهو فاعل لها و تحتاج إلى مادّة سابقة
تحمل قوّتها.