فإذا فرضنا سلسلة من
الحركات المتوالية المتزايدة في السرعة، كان كلّ واحد من الأوساط سوى الطرفين
متّصفا بالسرعة و البطء معا، سريعا بالقياس إلى أحد الجانبين، بطيئا بالقياس إلى
الآخر؛ فهما وصفان إضافيّان غير متقابلين 4، كالطول
في النسخ: «أبطأ منه» و
الصحيح: «أبطأ منها». إلّا أن يجعل اللام في البطيئة موصولة، فيمكن التذكير مراعاة
لجانب اللفظ.
4- قوله قدّس سرّه:
«فهما وصفان إضافيّان غير متقابلين»
حاصل مرامه قدّس سرّه: أنّ
السرعة و البطء لمّا كان كلّ منهما يجتمع مع الآخر- حيث إنّهما إضافيّان، لأنّ
الحركة البطيئة تكون بعينها سريعة، و بالعكس- فليسا بمتقابلين. أضف إلى ذلك أنّ
شيئا من أقسام التقابل لا يصدق على اختلافهما؛ فليسا بمتضائفين و لا متناقضين و لا
عدم و ملكة، كما جاء في كلام صدر المتألّهين قدّس سرّه. و ليسا بمتضادّين لانتفاء
غاية الخلاف بينهما؛ فليس ما بينهما من الاختلاف إلّا الاختلاف التشكيكي، نظير
الواحد و الكثير.
قال قدّس سرّه في تعليقته
على الأسفار ج 3، ص 198:
«و الحقّ أنّ الصفة
الثابتة الواقعيّة للحركة هي السرعة فحسب- و هي حالة المرور و الانقضاء التي في
كلّ حركة- و هي لمّا كانت مختلفة في الحركات، نسب بعض مصاديقها إلى بعض، فحصلت
السرعة و البطء النسبيّتان؛ فما من سرعة في حركة إلّا و هي بطء بالقياس إلى ما في
حركة هي أسرع منها؛ و كذا الحال في جانب البطء. فالسرعة في الحركة كالشدّة في
الوجود بمعنى ترتّب الآثار، ثمّ ينشأ بمقايسة البعض إلى البعض معنى الشدّة و
الضعف، و هما وصفان نسبيّان.
و من هنا يظهر: أنّ السريع
مساوق للحركة، مع انقسامها إلى السريعة و البطيئة؛ كما أنّ الوحدة مثلا مساوقة
للوجود، مع انقسامه إلى الواحد و الكثير. و يتبيّن به: أنّ السرعة و البطء لا
تقابل بينهما حقيقة؛ كما أنّ الواحد و الكثير لا تقابل بينهما حقيقة، و قد بيّنّا
ذلك في مباحث الواحد و الكثير. و يتبيّن أيضا: أنّ البطء معلول تركّب الحركة، كما
أنّ الكثرة معلول تركّب الوجود؛ فكلّما كانت الحركة أشدّ بساطة كانت أسرع؛ و
بالعكس في جانب البطء؛ كما أنّ الوجود كلّما كان أبسط كان أشدّ و أقوى. و هذا و إن
لم يذكره أحد من أساطين الحكمة، لكنّه