و الحركة في ذات الشيء،
و هو المتحرّك بالحقيقة كما تقدّم 4، كان فرض كون المتحرّك هو المحرّك فرض كون الشيء
فاعلا موجدا لنفسه، و استحالته ضروريّة. فالفاعل الموجد للحركة هو الفاعل الموجد
للمتحرّك، و هو جوهر مفارق للمادّة، يوجد الصورة الجوهريّة و يقيم بها المادّة، و
الصورة شريكة الفاعل على ما تقدّم. 5
أي: فإنّه إن كانت الحركة جوهريّة.
فهو شروع في الاستدلال على
أنّ المحرّك في كلّ حركة غير المتحرّك. و الأسهل في إثبات ذلك أن يقال:
قد ثبت في الفصل السابق
أنّ المتحرّك في كلّ حركة هي المادّة، و المادّة- سواء أ كانت الاولى أم الثانية-
شأنها القبول و الانفعال، دون الفعل و التأثير. فالمحرّك في كلّ حركة لا بدّ أن
يكون أمرا غير المتحرّك.
نعم! ما ذكره من البيان
ضروريّ ليعلم ما هو الفاعل في كلّ قسم من أقسام الحركة.
4- قوله قدّس سرّه: «هو
المتحرّك بالحقيقة كما تقدّم»
لأنّه تجدّد و حركة بذاته،
فهو المتغيّر و المتحرّك بذاته.
قوله قدّس سرّه: «هو
المتحرّك بالحقيقة كما تقدّم»
تقدّم في الفصل الثامن،
حيث استدلّ على أنّ الحركة الجوهريّة متجدّدة بالذات- كما أنّها تجدّد- بأنّ
وجودها في نفسها لنفسها. لكنّه لا يوافق ما مرّ منه قدّس سرّه في الفصل التاسع من
أنّ المتحرّك- و هو موضوع الحركة- هو المادّة في جميع الحركات.
نعم! هو في غاية المتانة
بناء على ما اختاره في بداية الحكمة- و هو الحقّ- من أنّ الحركة الجوهريّة لا
موضوع لها، فهي حركة و متحرّكة بذاتها. و أمّا المادة- لو ثبت وجودها- فهي موجودة
بوجود الصورة، لا حكم لها في نفسها، فحركة الصورة حركتها.