و إن كانت الحركة
عرضيّة، و كان العرض لازما للوجود 6، فالفاعل الموجد للحركة فاعل الموضوع المتحرّك
بعين جعل الموضوع 7، من غير تخلّل جعل آخر بين الموضوع و بين الحركة؛ إذ لو تخلّل
الجعل، و كان المتحرّك و هو مادّيّ فاعلا في نفسه للحركة 8، كان فاعلا من غير
توسّط المادّة 9، و قد تقدّم في مباحث العلّة و المعلول 10 أنّ العلل المادّيّة 11
لا تفعل إلّا بتوسّط المادّة و تخلّل الوضع بينها و بين معلولاتها، فهي
6- قوله قدّس سرّه: «و
كان العرض لازما للوجود»
كالمقدار و الوضع و المكان
و الزمان للجسم. أي أصل كلّ منها، لا المتعيّن منه. و قد مرّ في التعليقة الرقم 28
على الفصل الثامن من هذه المرحلة.
لا يخفى عليك: أنّه مناف
لما تقدّم منه قدّس سرّه في الدليل الثاني على وجود الصورة النوعيّة- في الفصل
السابع من المرحلة السادسة- من أنّ مبدء العوارض اللازمة و المفارقة هي الصورة
النوعيّة. كما أن قوله قدّس سرّه: «فهي إنّما تفعل في الخارج من نفسها» ينافيه.
8- قوله قدّس سرّه: «و
كان المتحرّك و هو مادّيّ فاعلا في نفسه للحركة»
و أمّا إذا ادّعي أنّ
الفاعل لها أمر غير المتحرّك- كما أنّه غير الفاعل الموجد للمتحرّك- فهو و إن كان
باطلا أيضا، إلّا أنّه يثبت مطلوبنا من أنّ لكلّ متحرّك محرّك غيره.
9- قوله قدّس سرّه: «كان
فاعلا من غير توسّط المادّة»
لأنّ معنى توسّط المادّة
في فاعليّته هو أن يحصل له بسبب المادّة وضع خاصّ مع معلوله- كما صرّح قدّس سرّه
بذلك في الفصل الخامس عشر من المرحلة الثامنة- مع أنّ معلوله إنّما يوجد في وجود
نفسه، و لا معنى لتحقّق الوضع بين الشيء و نفسه.
10- قوله قدّس سرّه: «قد
تقدّم في مباحث العلّة و المعلول»
في الفصل الخامس عشر من
المرحلة الثامنة.
11- قوله قدّس سرّه:
«العلل المادّيّة»
أي: العلل التي تكون
منطبعة في المادّة، و هي العلل الجسمانيّة.