و ثالثا: أنّ الحركة
أيّا مّا كانت محدودة بالبداية و النهاية؛ فكلّ حدّ من حدودها 23 ينتهي من الجانبين
إلى قوّة لا فعليّة معها، و إلى فعل لا قوّة معه 24، و حكم المجموع
أي: لا يترك مجالا للحركة
النزوليّة المفروضة، إذ لا تكون هناك إلّا حركة واحدة، و هي الحركة الاشتداديّة.
مثاله: أنّ التفاحة عند ما
تفسد، ففي الحقيقة هناك دودة تتغذّى بها و تكمل بذلك، فلها حركة اشتداديّة؛ و أمّا
التفاحة فليس لها حركة إلّا بالعرض؛ لأنّ الجسم الواحد ليس له إلّا حركة واحدة، إذ
ليس هناك إلّا صيرورة التفاحة دودة.
و فيه ما فيه؛ إذ لا تصير
جميع التفاحة دودة، بل يفسد بعضها و ينقلب جمادا بعد كونه نباتا.
23- قوله قدّس سرّه:
«فكلّ حدّ من حدودها»
أي: فإنّ كلّ حدّ من
حدودها. فهو تعليل لمحدوديّة الحركة.
حاصله: أنّ كلّ جزء من
الحركة محدود بقوّة و فعليّة، و مجموع الحركة ليس إلّا مجموع هذه الأجزاء؛ و مجموع
الامور المحدودة لا يكون إلّا محدودا.
و فيه: أنّ وجود الأجزاء
في الحركة ليس إلّا بحسب القسمة الوهميّة. و ليس هناك إلّا حركة واحدة و اتّصال
تدريجيّ واحد. مضافا إلى أنّ مجموع الامور المحدودة إنّما يكون محدودا إذا كانت
تلك الامور متناهية، و أمّا إذا كان مجموعها مجموع أمور لا حدّ لها، فهذا المجموع
غير محدود، و إن كان كلّ من أجزائه محدودا.
قوله قدّس سرّه: «فكلّ حدّ
من حدودها»
المراد من الحدّ هنا هو
الجزء، لا الحدّ بمعناه المصطلح، و هو الأمر الفاصل بين الجزئين بحيث يمكن أن يكون
بداية لكلّ منهما أو نهاية لكلّ منهما أو بداية لأحدهما و نهاية للآخر.
يشهد لذلك قوله قدّس سرّه:
«و حكم المجموع أيضا حكم الأبعاض» من وجهين: الأوّل: أنّ مجموع الحدود بالمعنى
المصطلح لا يؤلّف حركة، بخلاف الأجزاء. كما أنّ الخطّ عبارة عن مجموع أجزائه
الوهميّة؛ و أمّا مجموع حدوده و هي النقاط فلا تؤلّف خطّا، كما لا يخفى. الثاني:
التعبير بالأبعاض بدل الحدود. و لا شكّ أنّ الأبعاض هي الأجزاء.
24- قوله قدّس سرّه:
«ينتهي من الجانبين إلى قوّة لا فعليّة معها، و إلى فعل لا قوّة معه»