الإنسانيّ. فإذا كان
المبدء تخيّليّا حيوانيّا، فيكون خيره لا محالة تخيّليّا حيوانيّا؛ فليس إذن هذا
الفعل خاليا عن خير بحسبه، و إن لم يكن خيرا حقيقيّا، أي بحسب العقل»، انتهى.
ثمّ إنّ الشوق لمّا كان
لا يتعلّق إلّا بكمال مفقود غير موجود، كان مختصّا بالفاعل العلميّ المتعلّق
بالمادّة نوعا من التعلّق 22؛ فالفاعل المجرّد ليس فيه من مبادي الفعل الإراديّ
إلّا العلم و الإرادة 23؛ بخلاف الفاعل العلميّ الّذي له نوع تعلّق بالمادّة، فإنّ
له العلم، و الشوق، و الإرادة، و القوّة المادّيّة المباشرة للفعل، على ما تقدّم،
كذا قالوا. 24
و هي النفس؛ فإنّها على
رأي المشّائين متعلّق الفعل بالمادّة، و إن كانت مجرّدة في ذاتها، و على رأي صدر
المتألّهين قدّس سرّه و من تبعه هي متعلّقة بالمادّة في مرتبة من مراتب ذاتها، و
هي مرتبتها الطبيعيّة، و إن كانت مجرّدة بحسب مرتبتها المثاليّة و العقليّة.
23- قوله قدّس سرّه:
«فالفاعل المجرّد ليس فيه من مبادي الفعل الإراديّ إلّا العلم و الإرادة»
لم يتعرّض للقوّة العاملة
لوضوح أنّها لمادّيّتها و كونها قوّة منبثّة في العضلات لا يتصوّر وجودها في
المجرّد. و لعلّه قدّس سرّه لوّح إلى ذلك بقوله الآتي: «و القوّة المادّيّة
المباشرة للفعل» انتهى.
قوله قدّس سرّه: «فالفاعل
المجرّد»
بالتجرّد التامّ الّذي لا
يتعلّق بالمادّة نوعا من التعلّق.
24- قوله قدّس سرّه:
«كذا قالوا»
لعلّه قدّس سرّه يشير بذلك
إلى عدم ارتضائه وجود الإرادة في المجرّدات؛ فإنّه يستفاد من كلماته قدّس سرّه- في
الفصل الثالث عشر من المرحلة الثانية عشرة عند إنكار الإرادة الذاتيّة للواجب
تعالى- أنّ الإرادة لا يعرف لها معنى إلّا الكيفيّة النفسانيّة التي في الحيوان.