و يردّ الأوّل ما تقدّم
62، أنّ فعل الفاعل لا يخلو من أن يكون خيرا مطلوبا له بالذات، أو منتهيا إلى خير
مطلوب بالذات. 63 و ليس من لوازم وجود الغاية حاجة الفاعل إليها؛ لجواز كونها عين
الفاعل كما تقدّم.
و يردّ الثاني أنّه و إن
لم يستلزم حاجته تعالى إلى غيره 64 و استكماله بالغايات
62- قوله قدّس سرّه: «يردّ
الأوّل ما تقدّم»
لا يخفى عليك: أنّ صدر
الفقرة ردّ على مدّعاهم، و ذيلها أعني قوله قدّس سرّه: «و ليس من لوازم وجود
الغاية» إلى آخره، ردّ على دليلهم المشار إليه بقولهم: «لغناه بالذات عن غيره».
قوله قدّس سرّه: «ما
تقدّم»
في صدر هذا الفصل.
63- قوله قدّس سرّه: «أنّ
فعل الفاعل لا يخلو من أن يكون خيرا مطلوبا له بالذات أو منتهيا إلى خير مطلوب
بالذات»
المطلوب بالذات هي الغاية.
فالمعنى: أنّ فعل الفاعل لا يخلو من أن يكون نفسه الغاية أو يكون منتهيا إلى غاية.
فالأوّل: فيما كان الفعل
من الجواهر المجرّدة التي قد مرّ آنفا أنّها لتمامها مرادة لنفسها، و أنّ الفعل و
الغاية هناك واحد؛ بمعنى أنّ الفعل بحقيقته التي في مرتبة وجود الفاعل غاية لنفسه
التي هي الرقيقة.
و الثاني: فيما كان الفعل
من الحركات العرضيّة أو الجوهريّة، حيث إنّ الحركة مطلوبة لأجل الفعلية التي تحصل
بها، و الفعليّة هي الغاية، و هي المطلوبة بالذات.
64- قوله قدّس سرّه: «و إن
لم يستلزم حاجته تعالى إلى غيره»
يعني تلك الحاجة التي كان
يراها الأشعري من لوازم كونه تعالى ذا غاية في أفعاله، و هو استكماله بالغايات
المترتّبة على أفعاله؛ و إلّا فما ذهب إليه المعتزلة أيضا مستلزم لحاجته تعالى،
بمعنى توقّف فاعليّته على غيره، و هو النفع العائد إلى المخلوقات. كما يصرّح قدّس
سرّه به بعيد هذا.
فقوله قدّس سرّه: «و
استكماله بالغايات المترتّبة على أفعاله و انتفاعه بها» عطف تفسيريّ للحاجة.