المترتّبه على أفعاله و
انتفاعه بها، لكن يبقى عليه لزوم إرادة العالي للسافل، و طلب الأشرف للأخسّ. فلو
كانت غايته التي دعته إلى الفعل و توقّف عليها فعله، بل فاعليّته، هي التي تترتّب
على الفعل من الخير و المصلحة، 65 لكان لغيره شيء من التأثير فيه 66، و هو فاعل
أوّل 67 تامّ الفاعليّة لا يتوقّف في فاعليّته على شيء.
بل الحقّ- كما تقدّم-
أنّ الفاعل بما هو فاعل لا غاية لفعله بالحقيقة إلّا ذاته الفاعلة بما هي فاعلة
68، لا يبعثه نحو الفعل إلّا نفسه؛ و ما يترتّب على الفعل من الغاية غاية
65- قوله قدّس سرّه: «هي
التي تترتّب على الفعل من الخير و المصلحة»
الضمير يرجع إلى «غايته» و
هو إمّا مبتدأ و ما بعده خبره، و الجملة خبر «كانت»، أو هو ضمير فصل و ما بعده خبر
«كانت»
66- قوله قدّس سرّه: «لكان
لغيره شيء من التأثير فيه»
فيه: أنّه قد مرّ عند بيان
التفسير الصحيح لقولهم: العلّة الغائيّة علّة فاعليّة لفاعليّة الفاعل، أنّ تأثير
العلّة الغائيّة في فاعليّة الفاعل ليس إلّا كون وجودها العلميّ شرطا لفاعليّة
الفاعل العلميّ، و عليه فالمتوقّف عليه فاعليّة الفاعل هو العلم بانتفاع
المخلوقين، و هذا العلم إذا كان عين ذاته تعالى- كما هو الحقّ- لم يلزم تأثير شيء
غيره في فاعليّته. هذا.
و لكن لا يخفى: أنّه لا
يصحّح هذا كون العلم علّة غائيّة، فإنّ العلّة الغائيّة لا بدّ أن تكون محركّة
للفاعل، و هي هنا الحبّ لا العلم.
67- قوله قدّس سرّه: «هو
فاعل أوّل»
ذكر الأوّليّة للدلالة على
أنّه لا يعقل توقّفه في فاعليّته على غيره، لأنّه لمّا كان فاعلا أوّل لم يكن هناك
شيء سواه حتّى يمكن توقّف فاعليّته عليه.
68- قوله قدّس سرّه: «لا
غاية لفعله بالحقيقة إلّا ذاته الفاعلة بما هي فاعلة»
أي: لا غاية له إلّا كمال
ذاته، الّذي هو عين ذاته. غاية الأمر أنّه تارة تكون الغاية كمالا مفقودا يفعل
الفاعل لأجل الوصول إليه و الحصول عليه، و أخرى تكون كمالا موجودا في ذات الفاعل،
يفعل الفعل لأنّ ذلك الكمال يقتضيه.