عن المادّة مطلقا 58،
كانت الغاية عين ذاته التي هي كمال ذاته، من غير أن يكون كمالا بعد النقص 59 و
فعليّة بعد القوّة.
و من هنا يتبيّن أنّ
قولهم: «إنّ كلّ فاعل له في فعله غاية، فإنّه يستكمل بغايته و ينتفع بها»، لا يخلو
من مسامحة، فإنّه غير مطّرد إلّا في الفواعل المتعلّقة بالمادّة نوع تعلّق.
تنبيه: [غاية الواجب
تعالى]
ذهب قوم من المتكلّمين
60 إلى أنّ الواجب تعالى لا غاية له في أفعاله، لغناه بالذات عن غيره، و هو قولهم:
إنّ أفعال اللّه لا تعلّل بالأعراض. و ذهب آخرون منهم 61 إلى أنّ له تعالى في
أفعاله غايات و مصالح عائدة إلى غيره، و ينتفع بها خلقه.
58- قوله قدّس سرّه: «إن
كان مجرّدا عن المادّة مطلقا»
أي: ذاتا و فعلا، كالعقول
و كالواجب تعالى.
59- قوله قدّس سرّه: «من
غير أن يكون كمالا بعد النقص»
أي: من غير أن يكون
استكمالا.
60- قوله قدّس سرّه: «ذهب
قوم من المتكلّمين»
و هم الأشاعرة، كما في كشف
المراد ص 306.
و احتجّوا لذلك بأنّ كلّ
فاعل لغرض و قصد فإنّه محتاج إلى ذلك المقصود، و كلّ محتاج مستكمل بذلك الغرض، و
اللّه تعالى يستحيل عليه النقصان. و قد أشار المصنّف قدّس سرّه إلى دليلهم هذا
بقوله: «لغناه بالذات عن غيره».
61- قوله قدّس سرّه: «ذهب
آخرون منهم»
و هم المعتزلة. و ذهب إليه
المحقّق الطوسي قدّس سرّه في التجريد، و هو الظاهر من العلّامة في كشف المراد.