و أمّا في ما إذا لم يكن
الفعل حركة فلم يبرهن المصنّف قدّس سرّه في كلامه على وجود الغاية و وجوبها، فلا
موجب لجعل الفعل نفسه غاية لنفسه.
24- قوله قدّس سرّه: «هي
العلّة الغائيّة للفعل»
هذا تصريح منه قدّس سرّه
بأنّ الغاية و العلّة الغائيّة متساويتان.
و أقول: قد مرّ في الفصل
التاسع وجوب تقدّم كلّ علّة على معلولها، لمكان توقّف المعلول عليها، و منه يظهر
أنّه لا وجه لعدّ غاية الحركة علّة غائيّة للحركة، سواء أ كانت الحركة عرضيّة أم
جوهريّة، و سواء أ كانت العرضيّة منهما طبيعيّة أم إراديّة.
نعم! لو ثبت كون حقيقة
الفعل التي هي في وجود الفاعل علّة غائيّة للأفعال التي هي جواهر مجرّدة لم يتوجّه
الاعتراض المذكور على علّيّتها، و لكن كونها غاية و علّة غائيّة أوّل الكلام.
ثمّ لا يخفى عليك: أنّ ما
جاء في صدر هذا الفصل إلى هنا إنّما هو مقتضى النظر البدوي، و ينتهي الكلام في ذيل
الفصل إلى أنّ الغاية و العلّة الغائيّة لكلّ فاعل هو ذاته الفاعلة، و بعبارة
أخرى: هي كمال الفاعل سواء أ كان حاصلا له قبل الفعل، أم كان ممّا يحصل بعد الفعل
و بواسطته.
و يرد عليه الاعتراض
المذكور بالنسبة إلى ما يحصل بعد الفعل. هذا.
و يبدو أنّ الحق هو ما ذهب
إليه شيخنا المحقّق- دام ظلّه- من الفرق بين الغاية و العلّة الغائيّة، و أنّ
العلّة الغائيّة للفاعل هي حبّه لما يراه كمالا له، سواء أ كان كمالا حاصلا قبل
الفعل، فهو يفعل الفعل و يحبّه لكونه أثرا لذلك الكمال، أم كان ممّا يحصل بالفعل،
فهو يفعل الفعل لأجل الوصول إليه، فالفعل في الصورتين مقصود بالتبع و المقصود
بالذات هو كمال الفاعل.
و منه يتبيّن أنّ العلّة
الغائيّة مختصّة بالفاعل العالم، و أمّا غيره فلا علّة غائيّة له، و إن كان لفعله
غاية ينتهي إليها فعله.
و أنّ الفاعل العلميّ
المستكمل بفعله، غايته هو الكمال الحاصل بسبب فعله، و علّته الغائيّة هو حبّه لذلك
الكمال.
و أنّ الفاعل العلميّ غير
المستكمل لا غاية له، و علّته الغائيّة هو حبّه للكمال الّذي هو عين ذاته، و يكون
الفعل أثرا له، فيحبّ الفعل بتبع حبّه لذاته، و لأجل ذلك يفعله و يوجده.