أو يكون فعله بإرادته. و
حينئذ إمّا أن يكون علمه بفعله في مرتبة فعله، بل عين فعله، و هو الفاعل بالرضا؛ و
إمّا أن يكون علمه بفعله قبل فعله. و حينئذ إمّا أن يكون علمه بفعله مقرونا بداع
زائد على ذاته 5، و هو الفاعل بالقصد؛ و إمّا أن لا يكون مقرونا بداع زائد، بل
يكون نفس العلم منشأ لصدور المعلول. و حينئذ فإمّا أن يكون علمه زائدا على ذاته، و
هو الفاعل بالعناية، أو غير زائد، و هو الفاعل بالتجلّي. و الفاعل- كيف فرض 6- إن
كان هو و فعله المنسوب إليه فعلا لفاعل آخر 7،
يكون الباعث له على الفعل
إكراه من مختار غيره، مع كونه في حدّ نفسه كارها له؛ فيسمّى الفاعل بالإكراه، و
إمّا أن يكون الباعث له على الفعل ظروف و أحوال خارجيّة تدعوه إلى فعل ما يكرهه، و
يسمّى الفاعل بالاضطرار. و ما يكون فعله ملائما لنفسه، إمّا أن يكون علمه بفعله في
مرتبة فعله، إلى آخر ما ذكره. و على هذا يختصّ الفاعل بالقصد بما يكون فعله ملائما
لنفسه.
إن قلت: لا فرق جوهريّ بين
الفاعل بالقصد و بين القسمين اللذين ذكرتموها.
قلت: الفرق بينهما كالفرق
بين الفاعل بالطبع و الفاعل بالقسر. فإنّ الفاعل في القسمين هي الطبيعة- كما سيأتي
في الفصل العاشر من المرحلة التاسعة- غاية الأمر أنّه قد يكون فعلها ملائما
لطبعها، و قد لا يكون كذلك؛ فلا بدّ إمّا من حذف الفاعل بالقسر، و إمّا من قبول
القسمين المذكورين.
5- قوله قدّس سرّه:
«مقرونا بداع زائد على ذاته»
يشير بتقييد الداعي بكونه
زائدا على ذات الفاعل إلى ما سيأتي، من أنّ الداعي- و هي الغاية التي تدعو الفاعل
إلى الفعل- على قسمين: قسم يكون زائدا على ذات الفاعل، كما في الفاعل المستكمل
بفعله، و قسم يكون عين ذاته، كما في الفاعل غير المستكمل.
6- قوله قدّس سرّه: «كيف
فرض»
يعني: من الأقسام السبعة
السابقة.
7- قوله قدّس سرّه: «إن
كان هو و فعله المنسوب إليه فعلا لفاعل آخر»