الثاني : أنه متصل حقيقة كما هو متصل
حسا ، وهو منقسم انقسامات غير متناهية بمعنى لا يقف ، أي أنه يقبل الانقسام
الخارجي ، بقطع أو باختلاف عرضين ونحوه ، حتى إذا لم يعمل الآلات القطاعة ، في
تقسيمه لصغره قسمة الوهم ، حتى إذا عجز عن تصوره لصغره البالغ ، حكم العقل كليا
بأنه كلما قسم إلى أجزاء كان الجزء الحاصل ، لكونه ذا حجم له طرف غير طرف ، يقبل
القسمة من غير وقوف ، فإن ورود القسمة لا يعدم الحجم ونسب إلى الحكماء.
الثالث أنه مجموعة أجزاء صغار صلبه لا
تخلو من حجم ، يقبل القسمة الوهمية والعقلية دون الخارجية ، ونسب إلى ذي مقراطيس.
الرابع أنه مؤلف من أجزاء لا تتجزأ ، لا
خارجا ولا وهما ولا عقلا ، وإنما تقبل الإشارة الحسية وهي متناهية ، ذوات فواصل في
الجسم تمر الآلة القطاعة من مواضع الفصل ، ونسب إلى جمهور المتكلمين.
الخامس تأليف الجسم منها كما في القول
الرابع ، إلا أنها غير متناهية ، ويدفع القولين الرابع والخامس ، أن ما ادعى من
الأجزاء التي لا تتجزأ ، إن لم تكن ذوات حجم ، امتنع أن يتحقق من اجتماعها جسم ذو
حجم بالضرورة ، وإن كانت ذوات حجم ، لزمها الانقسام الوهمي والعقلي بالضرورة ، وإن
فرض عدم انقسامها الخارجي لنهاية صغرها.
على أنها لو كانت غير متناهية ، كان
الجسم المتكون من اجتماعها ، غير متناهي الحجم بالضرورة ، وقد أقيمت على بطلان
الجزء الذي لا يتجزى ، وجوه من البراهين مذكورة في المطولات.
ويدفع القول الثاني ، وهن الوجوه التي
أقيمت على كون الجسم البسيط [١]
، ذا اتصال واحد جوهري ، من غير فواصل كما هو عند الحس ، وقد
[١] وهو الجسم غير
المؤلف من أجسام مختلفة الطبائع ، كأجسام العناصر الأولية ـ منه دام ظله.