تسلم علماء الطبيعة
أخيرا ، بعد تجربات علمية ممتدة ، أن الأجسام مؤلفة من أجزاء صغار ذرية ، مؤلفة من
أجزاء أخرى ، لا تخلو من نواة مركزية ذات جرم ، وليكن أصلا موضوعا لنا.
ويدفع القول الأول أنه يرد عليه ، ما
يرد على القول الثاني والرابع والخامس ، لجمعه بين القول باتصال الجسم بالفعل ، وبين
انقسامه بالقوة إلى أجزاء متناهية ، تقف القسمة دونها على الإطلاق.
فالجسم الذي هو جوهر ذو اتصال ، يمكن أن
يفرض فيه الامتدادات الثلاث ثابت لا ريب فيه ، لكن مصداقه الأجزاء الأولية ، التي
يحدث فيها الامتداد الجرمي ، وإليها تتجزأ الأجسام النوعية دون غيرها ، على ما
تقدمت الإشارة إليه ، وهو قول ذي مقراطيس ، مع إصلاح ما.
الفصل الرابع
في إثبات
المادة الأولى والصورة الجسمية
إن الجسم من حيث هو جسم ، ونعني به ما
يحدث فيه الامتداد الجرمي ، أولا وبالذات أمر بالفعل ، ومن حيث ما يمكن أن يلحق به
، شيء من الصور النوعية ولواحقها أمر بالقوة ، وحيثية الفعل غير حيثية القوة ، لأن
الفعل متقوم بالوجدان والقوة متقومة بالفقدان ، ففيه جوهر هو قوة الصور الجسمانية
، بحيث إنه ليس له من الفعلية إلا فعلية أنه قوة محضة ، وهذا نحو وجودها ، والجسمية
التي بها الفعلية صورة مقومة لها ، فتبين أن الجسم مؤلف من مادة وصورة جسمية ، والمجموع
المركب منهما هو الجسم.