«و سئل الصّادق عليه
السّلام عن قول الرّجل للرّجل جزاك اللّه خيرا ما يعني به؟
فقال عليه السّلام: «إنّ
خيرا نهر في الجنّة مخرجه من الكوثر و الكوثر مخرجه من ساق العرش عليه منازل
الأوصياء و شيعتهم، على حافتي النهر جواري نابتات كلّما قلعت واحدة نبتت أخرى سمّى
بذلك النهر، و ذلك قوله عزّ و جلّ: «فِيهِنَّ خَيْراتٌ
حِسانٌ[2]»
فإذا قال الرّجل لصاحبه: «جزاك اللّه خيرا» فإنّما يعني بذلك تلك المنازل الّتي قد
أعدّها اللّه تعالى لصفوته و خيرته من خلقه[3]».
قال أبو حامد: و عن سمرة
قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «إنّ لكلّ نبي حوضا و إنّهم
ليتباهون أيّهم أكثر واردة و إنّي لأرجو أن أكون أكثرهم واردة[4]».
فهذا رجاء رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فليرج كلّ عبد أن يكون في جملة الواردين و ليحذر بأن
يكون متمنّيا و مغترّا و هو يظنّ أنّه راج فإنّ الرّاجي للحصاد من قد بثّ البذر و
نقّى الأرض و سقاها الماء ثمّ جلس يرجو فضل اللّه بالإنبات و دفع الصواعق إلى أوان
الحصاد، فأمّا من ترك الحراثة و الزّراعة و تنقية الأرض و سقيها و أخذ يرجو من فضل
اللّه تعالى أن ينبت له الحبّ و الفاكهة فهذا مغترّ و متمنّ و ليس من الرّاجين في
شيء و هكذا رجاء أكثر الخلق و هو غرور الحمقى نعوذ باللّه من الغرور و الغفلة
فإنّ الاغترار باللّه أعظم من الاغترار بالدّنيا قال اللّه تعالى: «فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَ لا يَغُرَّنَّكُمْ
بِاللَّهِ الْغَرُورُ[5]».
(القول في صفة جهنّم و
أهوالها و أنكالها)
أيّها الغافل عن نفسه
المغرور بما هو فيه من شواغل هذه الدّنيا المشرفة على
[1] راجع صحيح مسلم ج 6
ص 68 و صحيح البخاري ج 9 ص 58 و 59.
[4] أخرجه الترمذي ج 9
ص 270 و قال: غريب و قد روى الاشعث بن عبد الملك هذا الحديث عن الحسن عن النبي صلى
اللّه عليه و آله مرسلا و لم يذكر فيه عن سمرة و هو أصح.