نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 354
الانقضاء و الزّوال دع
التفكّر فيما أنت مرتحل عنه و اصرف الفكر إلى موردك فإنّك أخبرت بأنّ النّار مورد
للجميع إذ قيل: «وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً
مَقْضِيًّا. ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ نَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها
جِثِيًّا[1]»
فأنت من الورود على يقين و من النجاة في شكّ فاستشعر في قلبك هول ذلك المورد فعساك
تستعدّ للنجاة منه بالتشمّر لأعمالها، و تأمّل في حال الخلائق و قد قاسوا من دواهي
القيامة ما قاسوا فبينا هم في كربها و أهوالها واقفين ينتظرون حقيقة إنبائها و
تشفيع شفعائها إذ أحاطت بالمجرمين ظلمات ذات الشعب و أظلّت عليهم نار ذات لهب و
سمعوا لها زفيرا و جرجرة تفصح عن شدّة الغيظ و الغضب فعند ذلك أيقن المجرمون
بالعطب و جثت الأمم على الرّكب حتّى أشفق البرآء من سوء المقلب، و خرج المنادي من
الزّبانية قائلا: أين فلان بن فلان المسوّف نفسه في الدّنيا بطول الأمل المضيّع
عمره في سوء العمل، فيبادرونه بمقامع من حديد و يستقبلونه بعظائم التهديد و
يسوقونه إلى العذاب الشديد و ينكّسونه في قعر الجحيم و يقولون: له ذق إنّك أنت
العزيز الكريم، فاسكنوا دارا ضيّقة الأرجاء: مظلمة المسالك، مبهمة المهالك، يخلد
فيها الأسير، و يؤبّد فيها السعير، فشرابهم فيها الحميم، و مستقرّهم الجحيم،
الزّبانية تقمعهم، و الهاوية تجمعهم، أمانيهم فيها الهلاك، و ما لهم منها فكاك، قد
شدّت أقدامهم إلى النواصي، و اسودّت وجوههم من ظلمة المعاصي، ينادون من أكنافها، و
يصيحون في نواحيها و أطرافها، يا مالك قد حقّ علينا الوعيد، يا مالك قد أثقلنا
الحديد، يا مالك قد نضجت منّا الجلود، يا مالك أخرجنا منها فإنّا لا نعود، و تقول
الزّبانية: هيهات لات حين أمان، و لا خروج لكم من دار الهوان، فاخسئوا فيها و لا
تكلّمون، و لو أخرجتم منها لكنتم إلى ما نهيتم عنه عائدون، فعند ذلك يقنطون، و على
ما فرّطوا في جنب اللّه يتأسّفون، و لا ينجيهم الندم و لا يغنيهم الأسف، بل يكبّون
على وجوههم مغلولين، النّار من فوقهم، و النّار من تحتهم، و النّار عن أيمانهم، و
النّار عن شمائلهم، فهم غرقى في النّار، طعامهم نار، و شرابهم نار، و