نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 253
جزء من الرّوح يلاقي ذلك
الموضع الّذي أصابته الشوكة و إنّما يعظم أثر الاحتراق لأنّ أجزاء النار تغوص في
سائر أجزاء البدن فلا يبقى جزء من العضو المحترق ظاهرا و باطنا إلّا و تصيبه
النّار فتحسّه الأجزاء الرّوحانيّة المنتشرة في سائر أجزاء اللّحم و أمّا الجراحة
فإنّما تصيب الموضع الّذي يمسّه الحديد فقطّ فكان لذلك ألم الجرح دون ألم النّار
فألم النزع يهجم على نفس الرّوح و يستغرق جميع أجزائه فإنّه المنزوع المجذوب من
كلّ عرق من العروق و عصب من الأعصاب و جزء من الأجزاء و مفصل من المفاصل، و من أصل
كلّ شعرة و بشرة من القرن إلى القدم فلا تسأل عن كربه و ألمه حتّى قالوا: إنّ
الموت أشدّ من ضرب بالسّيف و نشر بالمناشير و قرض بالمقاريض لأنّ قطع البدن بالسيف
إنّما يؤلم لتعلّقه بالرّوح فكيف إذا كان المتناول المباشر نفس الرّوح، و إنّما
يستغيث المضروب و يصيح لبقاء قوّته و في قلبه و شراسيفه[1]و في لسانه، و إنّما
انقطع صوت الميّت و صياحه مع شدّة ألمه لأنّ الكرب قد بالغ فيه و تصاعد على قلبه و
غلب على كلّ موضع منه فهدّ كلّ قوّة و ضعّف كلّ جارحة فلم يترك له قوّة الاستغاثة
أمّا العقل فقد غشيه و شوّشه و أمّا اللّسان فقد أبكمه و أمّا الأطراف فقد ضعّفها
و يودّ لو قدر على الاستراحة بالأنين و الصّياح و الاستغاثة، و لكنّه لا يقدر على
ذلك فإن بقيت فيه قوّة سمعت له عند نزوع الرّوح و جذبها خوارا و غرغرة في حلقه و
صدره و قد تغيّر لونه و اربدّ حتّى كأنّه قد ظهر منه التراب الّذي هو أصل فطرته و
قد جذب منه كلّ عرق على حياله، فالألم منتشر في داخله و خارجه حتّى ترتفع الحدقتان
إلى أعالي جفونه، و تتقلّص الشفتان و اللّسان إلى أصله، و ترتفع الانثيان إلى
أعالي موضعهما و تخضر أنامله، فلا تسأل عن بدن يجذب منه كلّ عرق من عروقه و لو كان
المجذوب عرقا واحدا لكان ألمه عظيما فكيف و المجذوب نفس الرّوح المتألّم لا من عرق
واحد بل من جميع العروق؟! ثمّ يموت كلّ عضو من أعضائه تدريجا فتبرّد أوّلا قدماه
ثمّ ساقاه ثمّ فخذاه و لكلّ عضو سكرة بعد سكرة
[1] الشرسوف: طرف الضلع
المشرف على البطن، جمعه شراسيف.
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 253