نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 110
و لكنّ النيّة من جملة
الطاعات خير من العمل أي لكلّ واحد منهما أثر في المقصود و أثر النيّة أكثر من أثر
العمل فمعناه نيّة المؤمن من جملة طاعته خير من عمله الّذي هو من جملة طاعته، و
الغرض أنّ للعبد اختياراً في النيّة و في العمل فهما عملان و النيّة من الجملة
خيرهما فهذا معناه.
(1) أقول: للخبر معنى آخر
و هو أنّ المؤمن ينوي أن يوقع عباداته على أحسن الوجوه ثمّ لما اشتغل بها فلا
يتيسّر له ذلك و يكسل عنها و لم يأت بها على ما ينبغي فالّذي ينوي خير من الّذي
يعمل و أيضا ينوي أبدا أن يأتي بالطاعات و القربات و يجتنب المعاصي و السيئات
لإيمانه باللّه و اليوم الآخر ثمّ لا يوفّق لذلك و لا يتأتّى منه ما نواه، و ينوي
إن آتاه اللّه مالا ينفقه في سبيله ثمّ لمّا آتاه فربّما ينحلّ به فنيّته خير من
عمله و إلى هذا المعنى أشار أبو جعفر الباقر عليه السّلام حيث كان يقول «نيّة
المؤمن خير من عمله، و ذلك لأنّه ينوي من الخير ما لا يدركه، و نيّة الكافر شرّ من
عمله و ذلك لأنّ الكافر ينوي الشرّ و يأمل من الشرّ ما لا يدركه»[1] و سئل الصادق عليه السّلام عن معنى
الحديث فقال: «لأنّ العمل رياء المخلوقين و النيّة خالصة لربّ العالمين فيعطى عزّ
و جلّ على النيّة ما لا يعطى على العمل»[2] و قال: «إنّ العبد لينوي من نهاره أن يصلّي باللّيل فيغلبه عينه
فينام فيثبت اللّه له صلاته و يكتب نفسه تسبيحا و يجعل نومه صدقة»[3] قال أبو حامد: و أمّا سبب كونها
خيرا و مترجّحة على العمل فلا يفهمه إلّا من فهم مقصد الدّين و طريقه و مبلغ اثر
الطريق في الإيصال إلى المقصود و قاس بعض الآثار بالبعض حتّى يظهر له بعد ذلك
الأرجح بالإضافة إلى المقصود، و من قال:
الخبز خير من الفالوذج
فإنّما يعني به أنّه خير بالإضافة إلى مقصود القوت و الاغتذاء و لا يفهم ذلك إلّا
من فهم أنّ للغذاء مقصداً و هو الصحّة و البقاء و أنّ الأغذية
[1] رواه الصدوق في
كتاب علل الشرايع من حديث الحسن بن الحسين الأنصاري عن رجل.
[2] رواه الصدوق في
كتاب علل الشرايع من حديث زيد الشحام.