نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 109
و مثاله من المحسوس أن
يعاون الضعيف الرّجل القويّ على الحمل و لو انفرد القويّ لاستقلّ و لو انفرد
الضعيف لم يستقلّ فإنّ ذلك بالجملة يسهل العمل و يؤثّر في تخفيفه و مثاله في غرضنا
أن يكون للإنسان ورد في الصلوات و عادة في الصدقات فاتّفق أن حضر في وقتها جماعة
من الناس فصار الفعل أخفّ عليه بسبب مشاهدتهم و علم من نفسه أنّه لو كان منفردا
خاليا لم يفتر عن عمله و علم أنّ عمله لو لم يكن طاعة لم يكن مجرّد الرّياء يحمله
عليه فهو شوب تطرّق إلى النيّة و لنسمّ هذا الجنس المعاونة، فالباعث الثاني إمّا
أن يكون رفيقا أو شريكا أو معينا و سنذكر حكمها في باب الإخلاص و غرضنا الآن بيان
أقسام النيّات فإنّ العمل تابع للباعث عليه فيكتسب الحكم منه فلذلك قيل: إنّما
الأعمال بالنيّات لأنّها تابعة لا حكم لها في نفسها و إنّما الحكم للمتبوع.
(بيان سرّ قوله عليه
السّلام «نية المؤمن خير من عمله[1]»)
اعلم أنّه قد يظنّ أنّ
سبب هذا الترجيح أنّ النيّة سرّ لا يطّلع عليه إلّا اللّه تعالى و العمل ظاهر و
فعل السرّ أفضل و هذا صحيح و لكن ليس هو المراد لأنّه لو نوى أن يذكر اللّه تعالى
بقلبه أو يتفكّر في مصالح المسلمين فيقتضي عموم الحديث أن تكون نيّته للتفكّر خيرا
من التفكّر و قد يظنّ أنّ سبب الترجيح أنّ النيّة تدوم إلى آخر العمل و الأعمال لا
تدوم و هو ضعيف لأنّ ذلك يرجع معناه إلى أنّ العمل الكثير خير من القليل بل ليس
كذلك فإنّ نيّة أعمال الصلاة قد لا تدوم إلّا في لحظات معدودة و الأعمال تدوم و العموم
يقتضي أن يكون نيّته خيرا من عمله، و قد يقال:
معناه أنّ النيّة
بمجرّدها خير من العمل بمجرّده دون النيّة و هو كذلك و لكنّه بعيد أن يكون هو
المراد إذ العمل بلا نيّة بل على الغفلة لا خير فيه أصلا و النيّة بمجرّدها خير و
ظاهر الترجيح للمشتركين في أصل الخير بل المعنى به أنّ كلّ طاعة ينتظم بنيّة و عمل
و كانت النيّة من جملة الخيرات و كان العمل من جملة الخيرات
[1] أخرجه الطبراني من
حديث سهل بن سعد و البيهقي في الشعب من حديث أنس بسند ضعيف كما في الجامع الصغير و
رواه الكليني في الكافي ج 2 ص 84.
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 109