نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 111
مختلفة الآثار فيهما، و
فهم أثر كلّ واحد و قاس البعض بالبعض فالطاعات غذاء القلوب و المقصود شفاؤها و
بقاؤها و سلامتها في الآخرة و سعادتها و تنعّمها بلقاء اللّه عزّ و جلّ فالمقصود
لذّة السعادة بلقاء اللّه تعالى فقطّ و لن يتنعّم بلقاء اللّه تعالى إلّا من مات محبّا
للَّه عارفا باللّه و لن يحبّه إلّا من عرفه و لن يأنس به إلّا من طال ذكره له و
الانس يحصل بدوام الذّكر و المعرفة تحصل بدوام الفكر و المحبّة تتبع المعرفة
بالضرورة، و لن يتفرّغ القلب لدوام الذّكر و الفكر إلّا إذا فرغ من شواغل الدّنيا
و لن يتفرّغ من شواغلها إلّا إذا انقطع عن شهواتها حتّى يصير مائلا إلى الخير
مريدا له نافرا عن الشرّ مبغضا له و إنّما يميل إلى الخيرات و الطاعات إذا علم أنّ
سعادته في الآخرة منوطة بهما كما يميل العاقل إلى الفصد و الحجامة لعلمه بأنّ
سلامته فيهما و إذا حصل أصل الميل بالمعرفة فإنّما يقوى بالعمل بمقتضى الميل و
المواظبة عليه فإنّ المواظبة على مقتضى صفات القلب و إرادتها بالعمل تجري مجرى
الغذاء و القوت لتلك الصفة حتّى تترسّخ الصفة و تقوى بسببها فالمائل إلى طلب العلم
أو طلب الرّئاسة لا يكون ميله في الابتداء إلّا ضعيفا فإن اتّبع مقتضى الميل و
اشتغل بالعلم و تربية الرّئاسة و الأعمال المطلوبة لها تأكّد ميله و رسخ و عسر
عليه النزوع و إن خالف مقتضى ميله ضعف ميله و انكسر و ربّما زال و انمحق بل الّذي
ينظر إلى وجه حسن مثلا فيميل إليه طبعه ميلا ضعيفا فلو اتّبعه و عمل بمقتضاه فدوام
على النظر و المجالسة و المخالطة و المجاورة تأكّد ميله حتّى يخرج أمره عن اختياره
فلا يقدر على النزوع عنه و لو فطم نفسه ابتداء و خالف مقتضى طبعه و ميله لكان ذلك
كقطع القوت و الغذاء عن صفة الميل و يكون ذلك زجرا و دفعا في وجهه حتّى يضعف و
ينكسر بسببه أو ينقمع و ينمحى و هكذا جميع الصفات و الخيرات و الطاعات كلّها هي
الّتي تراد بها الآخرة و الشرور كلّها تراد بها الدّنيا لا الآخرة و ميل النفس إلى
الخيرات الأخرويّة و انصرافها عن الدّنيا هو الّذي يفرغها للذّكر و الفكر و لن
يتأكّد ذلك إلّا بالمواظبة على أعمال الطاعات و ترك المعاصي بالجوارح، لأنّ بين
الجوارح و بين القلب علاقة حتّى أنّه يتأثّر كلّ واحد منهما بالآخر فترى العضو إذا
أصابته جراحة تألّم بها
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 111