نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 7 صفحه : 123
إلى الصبر على طاعته في ثلاثة أحوال، الأولى
قبل الطاعة و ذلك في تصحيح النيّة و الإخلاص و الصبر عن شوائب الرّياء و دواعي
الآفات و عقد العزم على الإخلاص و الوفاء، و ذلك من الصبر الشديد عند من يعرف
حقيقة النيّة و الإخلاص و آفات الرّياء و مكايد النفس، و قد نبّه عليه صلوات اللّه
عليه و آله إذ قال: «إنّما الأعمال بالنيّات، و لكلّ امرئ ما نوى»[1] و قال
اللّه تعالى: «وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ
الدِّينَ»[2] و لهذا المعنى قدّم اللّه الصبر على العمل فقال: «إِلَّا
الَّذِينَ صَبَرُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ»[3].
الحالة الثانية حالة العمل كي لا يغفل عن
اللّه في أثناء عمله و لا يتكاسل عن تحقيق آدابه و سننه، و يدوم على شروط الأدب
إلى الآخر عمل الأخير، فيلازم الصبر عن دواعي الفتور إلى الفراغ، و هذا أيضا من
شدائد الصبر و لعلّه المراد بقوله تعالى: «نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ.
الَّذِينَ صَبَرُوا»[4] أي صبروا إلى تمام العمل.
الحالة الثالثة بعد الفراغ من العمل إذ
يحتاج إلى الصبر عن إفشائه و التظاهر به للسمعة و الرّياء و الصبر عن النظر إليه
بعين العجب و عن كلّ ما يبطل عمله و يحبط أثره كما قال تعالى: «وَ لا
تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ»[5] و كما قال: «لا تُبْطِلُوا
صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى»[6] فمن لم يصبر بعد الصدقة عن المنّ و
الأذى فقد أبطل عمله، و الطاعات تنقسم إلى فرض و نفل و هو محتاج إلى الصبر عليهما
جميعا و قد جمعهما اللّه تعالى في قوله: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ
بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى»[7] فالعدل هو
الفرض و الإحسان هو النفل، و إيتاء ذي القربى المروّة و صلة الرّحم، و كلّ ذلك
يحتاج إلى الصبر. الضرب الثاني المعاصي فما أحوج العبد إلى الصبر عنها و قد جمع
اللّه أنواع المعاصي في قوله: «وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ
الْمُنْكَرِ»[8] و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:
[1] أخرجه ابن ماجه تحت رقم 4227 و قد تقدم
عن الصحيحين.