نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 7 صفحه : 122
فالرّجل كلّ الرّجل من يصبر على العافية، و
معنى الصبر عليها أن لا يركن إليها و يعلم أنّ كلّ ذلك مستودع عنده و عسى أن
يسترجع على القرب و أن لا يرسل نفسه في الفرح بها و لا ينهمك في التنعّم و اللّذّة
و اللّهو و اللّعب و أن يرعى حقوق اللّه في ماله بالإنفاق و في بدنه ببذل المعونة
للخلق و في لسانه ببذل الصدق و كذلك في سائر ما أنعم اللّه به عليه و هذا الصبر
متّصل بالشكر فلا يتمّ إلّا بالقيام بحقّ الشكر كما سيأتي و إنّما كان الصبر على
السرّاء أشدّ لأنّه مقرون بالقدرة و من العصمة أن لا تقدر، و الصبر على الحجامة و
الفصد إذا تولّاه غيرك أيسر من الصبر على فصدك نفسك و حجامتك نفسك و الجائع عند
غيبة الطعام أقدر على الصبر منه إذا حضرته الأطعمة الطيّبة اللّذيذة و قدر عليها
فلهذا عظمت فتنة السرّاء.
النوع الثاني ما لا يوافق الهوى و الطبع
و ذلك لا يخلو إمّا أن يرتبط باختيار العبد
كالطاعات و المعاصي أو لا يرتبط باختياره كالمصائب و النوائب، أو لا يرتبط أوّله
باختياره و لكن له اختيار في إزالته كالتشفّي من المؤذي بالانتقام منه فهذه ثلاثة
أقسام:
القسم الأوّل ما يرتبط باختياره
و هو سائر أفعاله الّتي توصف بكونها طاعة أو
معصية و هما ضربان الضرب الأوّل الطاعة و العبد يحتاج إلى الصبر عليها فالصبر على
الطاعة شديد لأنّ النفس بطبعها تنفر عن العبوديّة و تشتهي الرّبوبيّة و لذلك قال
بعض العارفين: ما من نفس إلّا و هي مضمرة ما أظهره فرعون من قوله: «أَنَا
رَبُّكُمُ الْأَعْلى» و لكن فرعون وجد له مجالا و قبولا فأظهره إذ استخفّ
قومه فأطاعوه، و ما من أحد إلّا و هو يدّعي ذلك مع عبده و خادمه و أتباعه و كلّ من
هو تحت قهره و طاعته و إن كان ممتنعا من إظهاره فإنّ امتعاضه و غيظه عند تقصيرهم
في خدمته و استعباده ذلك ليس يصدر إلّا عن إضمار الكبر و منازعة الرّبوبيّة في
رداء الكبرياء، فإذن العبوديّة شاقّة على النفس مطلقا، ثمّ من العبادات ما يكره
بسبب الكسل كالصلاة و منها ما يكره بسبب البخل كالزّكاة، و منها ما يكره بسببهما
جميعا كالحجّ و الجهاد، فالصبر على الطاعة صبر على الشدائد و يحتاج المطيع
المحجة
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 7 صفحه : 122