responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 7  صفحه : 124

«المهاجر من هجر السوء و المجاهد من جاهد هواه» [1] و المعاصي مقتضى باعث الهوى و أشدّ أنواع الصبر عن المعاصي الصبر عن المعاصي الّتي صارت مألوفة بالعادة، فإنّ العادة طبيعة خامسة فإذا انضافت إلى الشهوة تظاهر جندان من جنود الشيطان على جند اللّه تعالى، فلا يقوى باعث الدّين على قمعها، ثمّ إن كان ذلك الفعل ممّا يتيسّر فعله كان الصبر عنه أثقل على النفس كالصبر عن معاصي اللّسان من الغيبة و الكذب و المراء و الثناء على النفس تعريضا و تصريحا، و أنواع المزاح المؤذي للقلوب و ضروب الكلمات الّتي يقصد بها الإزراء و الاستحقار و ذكر الموتى بالقدح فيهم و في علومهم و سيرهم و مناصبهم، فإنّ ذلك في ظاهره غيبة و في باطنه ثناء على النفس فللنفس فيه شهوتان إحداهما نفي الغير و الأخرى إثبات نفسه، و بهما تتمّ له الرّبوبيّة الّتي في طبعه و هي ضدّ ما أمر به من العبوديّة، و لاجتماع الشهوتين و تيسّر تحريك اللّسان و مصير ذلك معتادا في المحاورات يعسر الصبر عنها حتّى يزول استنكارها و استقباحها من القلوب لكثرة تكريرها و عموم الانس بها، فترى الإنسان يلبس حريرا مثلا فيستبعد غاية الاستبعاد، و يطلق لسانه طول النّهار في أعراض الناس و لا يستنكر ذلك مع ما ورد في الخبر من «أنّ الغيبة أشدّ من الزّنى» [2] و من لم يملك لسانه في المحاورات و لم يقدر على الصبر فيجب عليه العزلة و الانفراد فلا ينجيه غيره، فالصبر على الانفراد أهون من الصبر على السكوت مع المخالطة و تختلف شدّة الصبر في آحاد المعاصي باختلاف داعية تلك المعصية في قوّتها و ضعفها، و أيسر من حركة اللّسان حركة الخواطر باختلاج الوساوس فلا جرم يبقى حديث النفس في العزلة فلا يمكن الصبر عنه أصلا إلّا بأن يغلب على القلب همّ آخر في الدّين يستغرقه كمن أصبح و همومه همّ واحد و إلّا فإن لم يستعمل الفكر في شي‌ء معيّن لم يتصوّر فتور الوسواس عنه.


[1] أخرج شطره الأول ابن ماجه و شطره الثاني النسائي في الكبرى و كلاهما من حديث فضالة بن عبيد بإسناد جيد و قد تقدما.

[2] تقدم في آفات اللسان.

المحجة

نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 7  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست