نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 6 صفحه : 241
استكنّ في قلبه سفعة في وجهه و هذه آفة لا
ينفكّ عنها أحد من العبّاد إلّا من عصمه اللَّه.
لكن العلماء و العبّاد في آفة الكبر على
ثلاث درجات:
الدّرجة الأولى أن يكون الكبر مستقرّا في
قلبه يرى نفسه خيرا من غيره إلّا أنّه يجتهد و يتواضع و يفعل فعل من يرى غيره خيرا
من نفسه و هذا قد رسخت في قلبه شجرة الكبر و لكنّه قطع أغصانها بالكلّيّة.
الثانية أن يظهر ذلك على أفعاله بالترفّع في
المجالس و التقدّم على الأقران و إظهار الإنكار على من يقصر في حقّه و أدنى ذلك في
العالم أن يصعّر خدّه للناس كأنّه معرض عنهم و في العابد أن يعبس وجهه و يقطب
جبينه كأنّه متنزّه عن الناس مستقذر لهم أو غضبان عليهم، و ليس يعلم المسكين أنّ
الورع ليس في الجبهة حتّى يقطبها و لا في الوجه حتّى يعبس و لا في الخدّ حتّى يصعر
و لا في الرّقبة حتّى يطأطأ و لا في الذيل حتّى يضمّ إنّما الورع في القلوب قال
صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «التقوى هاهنا»[1] و أشار
إلى صدره، فقد كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم أكرم الخلق و أتقاهم
و كان أوسعهم خلقا و أكثرهم بشرا و تبسّما و انبساطا، و لذلك قال الحارث بن جزء
الزّبيديّ صاحب رسول اللَّه: يعجبني من القرّاء كلّ طليق مضحاك فأمّا الّذي تلقاه
ببشر و يلقاك بعبوس يمنّ عليك بعمله فلا أكثر اللَّه في المسلمين مثله و لو كان
اللَّه يرضى ذلك لما قال لنبيّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «وَ
اخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ»[2] و هؤلاء-
الّذين يظهرون أثر الكبر على شمائلهم و أحوالهم أخفّ حالا ممّن هو في الرّتبة
الثالثة و هو الّذي يظهر الكبر على لسانه حتّى يدعوه إلى الدّعوى و المفاخرة و
المباهاة و تزكية النّفس و حكاية الأحوال و المقامات و التشمير لغلبة الغير في
العلم و العمل، أمّا العابد فإنّه يقول في معرض التّفاخر لغيره من العبّاد: من هو
و ما عمله؟ و من أين زهده، فيطيل اللّسان فيهم بالتنقّص ثمّ يثني على نفسه و يقول:
إنّي لم أفطر منذ كذا و لا أنام باللّيل و أختم القرآن كلّ يوم و فلان ينام سحرا و
لا يكثر القراءة، و ما يجري مجراه و قد يزكّي نفسه ضمنا فيقول: قصدني