responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 6  صفحه : 240

لنفسه، و هذه الآفة أيضا قلّما ينفك عنها العباد و هو أنّه لو استخفّ به مستخفّ أو آذاه مؤذ استبعد أن يغفر اللَّه له و لا يشكّ في أنّه صار ممقوتا عند اللَّه و لو آذى مسلما آخر لم يستنكر ذلك الاستنكار و ذلك لعظم قدر نفسه عنده و هو جهل و جمع بين العجب و الكبر و الاغترار باللَّه و قد ينتهي الحمق و الغباوة لبعضهم إلى أن يتحدّى و يقول:

سترون ما يجري عليه، و إذا أصيب بنكبة زعم أنّ ذلك من كراماته و أنّ اللَّه ما أراد به إلّا شفاء علّته و الانتقام له منه مع أنّه يرى طبقات من الكفّار يسبّون اللَّه و رسوله و عرف جماعة آذوا الأنبياء صلوات اللَّه عليهم فمنهم من ضربهم و منهم من قتلهم، ثمّ إنّ اللَّه أمهل أكثرهم و لم يعاقبهم في الدّنيا بل ربّما أسلم بعضهم فلم يصبه مكروه في الدّنيا و لا في الآخرة، ثمّ إنّ الجاهل المغرور يظنّ أنّه أكرم على اللَّه من أنبيائه و أنّه قد انتقم له بما لا ينتقم لأنبيائه، و لعلّه في مقت اللَّه بإعجابه و كبره و هو غافل عن هلاك نفسه. فهذه عقيدة المغترّين و أمّا الأكياس من العبّاد فيقولون ما كان يقوله عطاء السلمي حين كانت تهبّ ريح أو تقع صاعقة: ما يصيب الناس ما يصيبهم إلّا بسببي و لو مات عطاء لاستراح الناس، و ما قاله الآخر بعد انصرافه من عرفات: كنت أرجو الرّحمة لجميعهم لو لا كوني فيهم، فانظر إلى الفرق بين الرّجلين هذا يتّقي اللَّه ظاهرا و باطنا و هو وجل على نفسه مزدر لعمله و سعيه و ذلك ربّما يضمر من الرّياء و الكبر و الحسد و الغلّ ما هو ضحكة للشياطين به ثمّ إنّه يمتنّ على اللَّه بعمله، و من اعتقد جزما أنّه فوق أحد من عباد اللَّه فقد أحبط بجهله جميع عمله فإنّ الجهل أفحش المعاصي و أعظم شي‌ء يبعّد العبد عن اللَّه، و حكمه لنفسه بأنّه خير من غيره جهل محض و أمن من مكر اللَّه تعالى‌ «فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ» و لذلك روي أنّ رجلا ذكر بخير للنبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم فأقبل ذات يوم فقالوا: يا رسول اللَّه هذا الّذي ذكرناه لك، فقال: إنّي أرى في وجهه سفعة من الشيطان فسلّم و وقف على النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و أصحابه، فقال النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «أسألك باللَّه حدّثتك نفسك أن ليس في القوم أفضل منك؟ فقال: اللّهمّ نعم» [1] فرأى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم بنور النبوّة ما


[1] أخرجه أحمد و البزار و الدارقطني من حديث أنس كما في المغني.

المحجة

نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 6  صفحه : 240
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست