نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 95
لثمرات حسن الخلق لا لنفسه، ثمّ ليس محيطا
بجميع الثمرات أيضا.
و كشف الغطاء عن الحقيقة أولى من نقل
الأقاويل المختلفة، فنقول: الخلق و الخلق عبارتان مستعملتان معا يقال: فلان حسن
الخلق و الخلق أي حسن الظاهر و الباطن فيراد بالخلق الصّورة الظّاهرة، و يراد
بالخلق الصّورة الباطنة، و ذلك لأنّ الإنسان مركّب من جسد مدرك بالبصر، و من روح و
نفس مدركة بالبصيرة، و لكلّ واحد منهما هيئة و صورة إمّا قبيحة و إمّا جميلة، و
الرّوح المدركة بالبصيرة أعظم قدرا من الجسد المدرك بالبصر و لذلك عظّم اللّه أمره
بالإضافة إلى نفسه فقال تعالى: إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذا
سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي[1] فنبّه على
أنّ الجسد منسوب إلى الطين و الرّوح منسوب إلى اللّه تعالى، و المراد بالرّوح و
النفس في هذا المقام واحد، فالخلق عبارة عن هيئة للنّفس راسخة تصدر عنها الأفعال
بسهولة و يسر من غير حاجة إلى فكر و رويّة، فإن كانت الهيئة بحيث تصدر عنها
الأفعال الجميلة المحمودة عقلا و شرعا سمّيت الهيئة خلقا حسنا، و إن كان الصادر
منها الأفعال القبيحة سمّيت الهيئة الّتي هي المصدر خلقا سيّئا و إنّما قلنا:
إنّها هيئة راسخة لأنّ من يصدر عنه بذل
المال على الندور لحاجة عارضة لا يقال: خلقه السّخاء ما لم يثبت ذلك في نفسه ثبوت
رسوخ، و إنّما شرطنا أن تصدر عنه الأفعال بسهولة من غير رويّة لأنّ من تكلّف بذل
المال و السّكوت عند الغضب بجهد و رويّة لا يقال: خلقه السّخاء و الحلم، فهاهنا
أربعة أمور: أحدها فعل الجميل و القبيح، و الثاني القدرة عليهما، و الثالث المعرفة
بهما، و الرابع هيئة للنفس و بها تميل إلى أحد الجانبين و يتيسّر عليها أحد
الأمرين إمّا الحسن أو القبيح، و ليس الخلق عبارة عن الفعل فربّ شخص خلقه السّخاء
و لا يبذل إمّا لفقد المال أو لمانع، و ربما يكون خلقه البخل و هو يبذل إمّا لباعث
أو لرياء، و ليس هو عبارة عن القدرة إلى الإمساك و الإعطاء، بل إلى الضدّين واحدة،
و كلّ إنسان خلق بالفطرة قادرا على الإعطاء و الإمساك و ذلك لا يوجب خلق البخل و
لا خلق السّخاء، و ليس هو عبارة