نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 65
الإمامة و آداب الشيعة من ربع العادات أيضا و
إنّما أعدنا ذكره هاهنا لشدّة مناسبته لهذا المقام و شدّة احتياج أكثر النّاس
إليه.
و بإسناده عن حنان بن سدير قال: «قال أبو
الصّباح الكناني لأبي عبد اللّه عليه السّلام ما نلقى من النّاس فيك، فقال أبو عبد
اللّه عليه السّلام: و ما الّذي تلقى من النّاس فيّ؟ فقال: لا يزال يكون بيننا و
بين الرّجل الكلام فيقول: جعفريّ خبيث، فقال:
يعيّركم النّاس بي؟ فقال أبو الصباح: نعم،
قال: فما أقلّ و اللّه من يتبع جعفرا منكم إنّ أصحابي من اشتدّ ورعه، و عمل
لخالقه، و رجا ثوابه هؤلاء أصحابي»[1].
و بإسناده عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام
قال: «كثيرا ما كنت أسمع أبي يقول:
ليس من شيعتنا من لا يتحدّث المخدّرات بورعه
في خدورهن، و ليس من أوليائنا من في قرية فيها عشرة آلاف رجل فيهم خلق اللّه أورع
منه»[1].
قال أبو حامد: فهذا مدخل عظيم من مداخل
الشيطان قد أهلك به أكثر العالم و قد سلّمت المنابر لأقوام قلّ من اللّه خوفهم و
ضعفت في الدّين بصيرتهم و قويت في الدّنيا رغبتهم و اشتدّ على الاستتباع حرصهم، و
لم يتمكّنوا من الاستتباع و إقامة الجاه إلّا بالتعصّب، فحسّنوا ذلك في صدورهم و
لم ينهوهم على مكيدة الشيطان فيه بل نابوا عن الشيطان في تنفيذ مكيدته، فاستمرّ
الناس عليه و نسوا مهمّات دينهم فقد هلّكوا و أهلكوا و اللّه تعالى يتوب علينا و
عليهم. قال بعض السّلف: بلغنا أن إبليس قال سولت لامّة محمّد المعاصي فقصموا ظهري
بالاستغفار فسوّلت لهم ذنوبا لا يستغفرون اللّه منها و هي الأهواء. و قد صدق
الملعون فإنّهم لا يعلمون أنّ ذلك من الأسباب الّتي تجرّ إلى المعاصي، فكيف
يستغفرون منها و من عظيم حيل الشيطان أن يشغل الإنسان عن نفسه بالاختلافات الواقعة
بين الناس في المذاهب و الخصومات، قال
[1] المصدر ج 2 ص 77. و في ذكر الرجاء بعد
العمل و الورع تنبيه على انهما سبب لرجاء الثواب لا للثواب و على انه لا ينبغي
لاحد ان يتكل بعمله، غاية ما في الباب له ان يجعله وسيلة للرجاء لان الرجاء
بدونهما غرور و حمق. و فيه دلالة على انه كره ما قاله ابو الصباح لما فيه من
الخشونة و سوء الادب (قاله المؤلف في وافيه).