responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 5  صفحه : 349

بالطبع من حبّ زوال النعمة حتّى كأنّك تمقت نفسك على ما في طبعها فتكون تلك الكراهية من جهة العقل في مقابلة الميل من جهة الطبع فقد أدّيت الواجب عليك و لا يدخل تحت اختيارك في أغلب الأحوال أكثر من هذا، فأمّا تغيير الطبع ليستوي عنده المؤذي و المحسن و يكون فرحه أو غمّه ممّا تيسّر لهما من نعمة أو تنصبّ عليهما من بليّة سواء فهذا ممّا لا يطاوع الطبع عليه ما دام ملتفتا إلى حظوظ الدّنيا إلّا أن يصير مستغرقا بحبّ اللّه تعالى مثل السكران الواله فقد ينتهي أمره إلى أن لا يلتفت قلبه إلى تفاصيل أحوال العباد بل ينظر إلى الكلّ بعين واحدة و هو عين الرّحمة و يرى الكلّ عبادا للَّه و أفعالهم أفعالا للَّه و يراهم مسخّرين، و ذلك إن كان فهو كالبرق الخاطف لا يدوم و يرجع القلب بعد ذلك إلى طبعه و يعود العدوّ إلى منازعته أعني الشيطان فإنّه ينازع بالوسوسة، فمهما قابل ذلك بكراهية ألزم قلبه فقد أدّى ما كلّفه و ذهب ذاهبون إلى أنّه لا يأثم إذا لم يظهر الحسد على جوارحه.

و روي مرفوعا أنّه «ثلاثة في المؤمن له منهنّ مخرج و مخرجه من الحسد أن لا يبغي» [1] و الأولى أن يحمل هذا على ما ذكرنا من أن يكون فيه كراهة من جهة الدّين و العقل في مقابلة حبّ الطبع لزوال النعمة عن العدوّ، و تلك الكراهة تمنعه من البغي و من الإيذاء فإنّ جميع ما ورد من الأخبار في ذمّ الحسد يدلّ ظاهرها على أنّ كلّ حاسد آثم، و الحسد عبارة عن صفة القلب لا عن الأفعال فكلّ محبّ لمساءة المسلمين فهو حاسد فإذا كونه آثما بمجرّد حسد القلب من غير فعل هو في محلّ الاجتهاد.

و قد عرفت من هذا أنّ لك في أعدائك ثلاثة أحوال: أحدها أن تحبّ مساءتهم بطبعك و تكره حبّك لذلك و ميل قلبك إليه بعقلك، و تمقت نفسك عليه و تودّ لو كانت لك حيلة في إزالة ذلك الميل منك، و هذا معفوّ عنه قطعا، لأنّه لا يدخل تحت الاختيار أكثر منه، الثانية أن تحبّ ذلك و تظهر الفرح بمساءته إمّا بلسانك أو بجوارحك فهذا هو الحسد المحظور قطعا، الثالثة و هي بين الطرفين أن تحسد بالقلب‌


[1] مر آنفا.

المحجة

نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 5  صفحه : 349
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست