نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 348
فيجب تحصيله على كلّ عاقل، هذا هو الدّواء
الكلّي.
فأمّا الدّواء المفصّل فهو بقمع أسباب الحسد
من الكبر و عزّة النفس و شدّة الحرص على ما لا يعني، و سيأتي تفصيل مداواة هذه
الأسباب في مواضعها فإنّها موادّ هذا المرض و لا ينقمع المرض إلّا بقمع المادّة
فإن لم يقمع المادّة لم يحصل ممّا ذكرناه إلّا تسكين و تطفئة و لا يزال يعود مرّة
بعد أخرى و يطول الجهد في تسكينه مع بقاء موادّه، فإنّه ما دام محبّا للجاه فلا
بدّ أن يحسد من استأثر بالجاه و المنزلة في قلوب الناس دونه و يغمّه ذلك لا محالة
و إنّما غايته أن يهون الغمّ على نفسه و لا يظهره بلسانه و يده، فأمّا الخلوّ عنه
رأسا فلا يمكنه.
(بيان القدر الواجب في نفى الحسد عن القلب)
اعلم أنّ المؤذي ممقوت بالطبع و من آذاك لا
يمكنك أن لا تبغضه غالبا و إذا تيسّرت له نعمة فلا يمكنك أن لا تكرهها له حتّى
يستوي عندك حسن حال عدوّك و سوء حاله، بل لا تزال تدرك في النفس بينهما تفرقة، و
لا يزال الشيطان ينازعك في الحسد له و لكن إن قوي ذلك فيك حتّى يبعثك على إظهار
الحسد بقول أو فعل بحيث يعرف ذلك من ظاهرك بأفعالك الاختياريّة فأنت إذن حسود عاص
بحسدك و إن كففت ظاهرك بالكلّيّة إلّا أنّك بباطنك تحبّ زوال النعمة و ليس في نفسك
كراهة لهذه الحالة فأنت أيضا حسود عاص لأنّ الحسد صفة القلب لا صفة الفعل، قال
اللّه تعالى: وَ لا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا[1]، و قال: وَدُّوا
لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً[2]، و قال: إِنْ
تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ[3]، أمّا الفعل فهو غيبة و كذب و هو
عمل صادر عن الحسد و ليس هو عين الحسد، بل محلّ الحسد القلب دون الجوارح نعم هذا
الحسد ليست مظلمة يجب الاستحلال منها بل هو معصية بينك و بين اللّه، و إنّما يجب
الاستحلال من الأسباب الظاهرة على الجوارح، و أمّا إذا كففت ظاهرك و ألزمت مع ذلك
قلبك كراهية ما يترشّح منه