نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 316
بينه و بين ربّه إلّا أنّ بعض الناس أقلّ
حماقة من بعض، و قال ابن عمر في حديث طويل: حتّى ترى الناس كلّهم حمقى في ذات
اللّه، و كذلك قوله: يا جاهل، إذ ما من أحد إلّا و فيه جهل فقد آذاه بما ليس بكذب،
و كذلك قوله: يا سيّئ الخلق، يا صفيق الوجه ثلابا للأعراض[1] و كان ذلك
فيه، و كذلك قوله: لو كان فيك حياء لما تكلّمت و ما أحقرك في عيني بما فعلت و
أخزاك اللّه و انتقم منك.
فأمّا النميمة و الغيبة و الكذب و سبّ
الوالدين فحرام بالاتّفاق و الدّليل على جواز ما ليس بكذب و لا حرام كالنسبة إلى
الزّنى و السبّ و الفحش ما قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:
«المستبّان ما قالا فعلى البادي منهما حتّى
يعتدي المظلوم»[2].
(1) أقول: و من طريق الخاصّة ما رواه في
الكافي عن الكاظم عليه السّلام في رجلين يتسابّان قال: «البادي منهما أظلم و وزره
و وزر صاحبه عليه ما لم يعتذر إلى المظلوم»[3].
قال أبو حامد: فأثبت للمظلوم انتصارا إلى أن
يعتدي، فهذا القدر هو الّذي أباحه و هو رخصة في الإيذاء جزاء على إيذائه السابق و
لا تبعد الرخصة في هذا القدر و لكن الأفضل تركه لأنّه يجرّ إلى ما وراءه و لا يمكن
الاقتصار إلى مقدار الحقّ فيه، و السّكوت عن أصل الجواب لعلّه أيسر من الشروع في
الجواب و الوقوف على حدّ الشرع فيه، و لكن من الناس من لا يقدر على ضبط نفسه في
فورة الغضب و لكن يعود سريعا و منهم من يكفّ نفسه في الابتداء و لكن يحقد على
الدّوام، و الناس في الغضب أربعة فبعضهم كالحلفاء سريع الوقود سريع الخمود و بعضهم
كالغضاء[4] بطيء الوقود بطيء الخمود، و بعضهم بطيء الوقود سريع
الخمود، و هو الأحمد ما لم ينته إلى فتور الحميّة و الغيرة، و بعضهم سريع الوقود
بطيء الخمود و هذا هو شرّهم، و في الخبر «المؤمن سريع الغضب سريع الرّضا فهذه
بتلك»[5].
قال أبو سعيد الخدريّ: قال رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم: «ألا إنّ بني آدم خلقوا على
[1] ثلبه ثلبا من باب ضرب: عابه و تنقصه، و
المثلبة: المسبة.
[2] أخرجه أحمد ج 2 ص 235 و تقدم عن عدة من
المصادر.