نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 283
حكمها، و المدح يدخله ستّ آفات أربعة في
المادح و اثنتان في الممدوح، فأمّا المادح فهو أنّه قد يفرط فينتهي الإفراط به إلى
الكذب، الثانية أنّه قد يدخله الرّياء فإنّه بالمدح مظهر للحبّ و قد لا يكون مضمرا
له و لا معتقدا لجميع ما يقوله فيصير به مرائيا منافقا، الثالثة أنّه قد يقول ما
لا يتحقّقه و لا سبيل له إلى الاطّلاع عليه. روي أن رجلا مدح رجلا عند النبيّ صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ويحك قطعت عنق صاحبك
لو سمعها ما أفلح ثمّ قال: إن كان لا بدّ أحدكم مادحا أخاه فليقل أحبّ فلانا و لا
ازكّي على اللّه أحدا حسيبه اللّه إن كان يرى أنّه كذلك»[1] و هذه
الآفة تتطرّق إلى المدح بالأوصاف المطلقة الّتي تعرف بالأدلّة كقوله أنه متّق و
ورع و زاهد و خيّر و ما يجري مجراه، أمّا إذا قال: رأيته يصلّي باللّيل و يتصدّق و
يحجّ فهذه أمور مستيقنة و من ذلك قوله أنّه عدل رضيّ فإن ذلك خفي فلا ينبغي أن
يجزم القول به إلّا بعد خبرة باطنة، الرابعة أنّه قد يفرح الممدوح و هو ظالم أو
فاسق و ذلك غير جائز قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «إنّ اللّه
ليغضب إذا مدح الفاسق»[2] و قيل:
من دعا لظالم بالبقاء فقد أحبّ أن يعص اللّه
في أرضه. و الظالم فاسق ينبغي أن يذمّ ليغتمّ و لا يمدح ليفرح، و أمّا الممدوح
فيضرّه من وجهين: أحدهما أنّه يحدث فيه كبرا و إعجابا و هما مهلكان، الثاني هو
أنّه إذا أثنى عليه بالخير فرح به و فتر و رضي عن نفسه و من أعجب بنفسه قلّ تشمره
و إنّما يتشمّر للعمل من يرى نفسه مقصّرا فإذا انطلقت الألسنة بالثناء عليه ظنّ
أنّه قد أدرك و لهذا قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:
«قطعت عنق صاحبك و لو سمعها ما أفلح» و قال
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «إذا مدحت أخاك في وجهه فكأنّما أمررت على حلقه
الموسى»[3] و قال أيضا لمن مدح رجلا: «عقرت الرّجل
[1] أخرجه مسلم ج 8 ص 227، و أبو داود ج 2
ص 554 بأدنى اختلاف في اللفظ و أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت بلفظ المصنف.
[2] أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة و
البيهقي و أبو يعلى من حديث بريدة بسند ضعيف كما في الجامع الصغير.
[3] أخرجه ابن المبارك في الزهد و الرقائق
من رواية يحيى بن جابر مرسلا كما في المغني.
المحجة
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 283