نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 282
من المتعاديين و يثني في حضوره و في غيبته و
بين يدي عدوّه، قيل لبعض الصّحابة:
إنّا ندخل على أمرائنا فنقول القول فإذا
خرجنا قلنا غيره، فقال: كنّا نعدّ ذلك نفاقا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم. و هذا نفاق مهما كان مستغنيا عن الدّخول على الأمير و عن الثناء عليه
فلو استغنى عن الدّخول و لكن إذا دخل يخاف إن لم يثن، فهو نفاق لأنّه الّذي أحوج
نفسه إليه و إن كان يستغني عن الدّخول لو قنع بالقليل و ترك المال و الجاه فدخل
لضرورة الجاه و الغنى و أثنى فهو منافق و هذا معنى قوله صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم: «حبّ المال و الجاه ينبتان النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل»[1] لأنّه
يحوّج إلى الأمراء و مراعاتهم و مراءاتهم، فأمّا إذا ابتلي به لضرورة و خاف إن لم
يثن فهو معذور فإنّ اتّقاء الشرّ جائز، قال أبو الدّرداء: إنّا لنكشر[2] في وجوه
أقوام و إنّ قلوبنا لتبغضهم، و قالت عائشة: «استأذن رجل على رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم فقال: ائذنوا له فبئس رجل العشيرة هو فلمّا دخل أقبل عليه و
ألان له القول، فلمّا خرج قالت عائشة: قد قلت بئس رجل العشيرة ثمّ ألنت له القول؟
فقال: يا عائشة إنّ شرّ الناس الّذي يكرم
اتّقاء لشرّه»[3].
و لكن هذا ورد في الإقبال و في الكشر و
التبسّم و أمّا الثناء فهو كذب صريح فلا يجوز إلّا لضرورة أو إكراه يباح الكذب
لمثلها كما ذكرناه في آفة الكذب، بل لا يجوز الثناء و لا التصديق و تحريك الرّأس
في معرض التقرير على كلّ كلام باطل فإن فعل ذلك فهو منافق، بل ينبغي أن ينكر
بلسانه و بقلبه فإن لم يقدر فليسكت بلسانه و لينكر بقلبه.
(الآفة الثامنة عشر المدح)
و هو منهيّ عنه في بعض المواضع أمّا الذّم
فهو الغيبة و الوقيعة قد ذكرنا
[1] أخرجه أبو منصور الديلمي في مسند
الفردوس بنحوه من حديث أبي هريرة بسند ضعيف كما في المغني.
[2] كشر عن أسنانه: كشف عنها و أبداها عند
الضحك و غيره.