نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 24
أنّ الصّورة وراء المرآة، و الرابع لحجاب
مرسل بين المرآة و الصّورة، و الخامس للجهل بالجهة الّتي فيها الصّورة المطلوبة
رؤيتها حتّى يتعذّر بسببه أن يحاذي بها شطر الصورة و جهتها، فكذلك القلب مرآة مستعدّة
لأن يتجلّى فيها حقيقة الحقّ في الأمور كلّها و إنّما خلت القلوب عن العلوم الّتي
خلت عنها بهذه الأسباب الخمسة.
أوّلها نقصان في ذات القلب كقلب الصبيّ فإنه
لا يتجلّى له المعلومات لنقصانه.
و الثاني لكدورة المعاصي و الخبث الّذي
يتراكم على وجه القلب من كثرة الشهوات، فإنّ ذلك يمنع صفاء القلب و جلاءه فيمتنع
ظهور الحقّ فيه بقدر ظلمته و تراكمه و إليه الإشارة بقوله صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم: «من قارف ذنبا فارقه عقل لا يعود إليه أبدا»[1] أي حصلت
في قلبه كدورة لا يزول أثرها أبدا إذ غايته أن يتبع الذّنب بحسنة تمحوه بها فلو
جاء بالحسنة و لم تتقدّم السيّئة لازداد لا محالة إشراق القلب فلمّا تقدّمت
السيّئة سقطت فائدة الحسنة لكن عاد القلب بها إلى ما كان قبل السيّئة و لم يزدد
بها نورا و هذا خسران مبين و نقصان لا محالة، فليست المرآة الّتي تتدنّس ثمّ تمسح
بالمصقلة كالّتي لم تتدنّس أصلا و تمسح بالمصقلة لزيادة جلائها من غير دنس سابق،
فالإقبال على طاعة اللّه و الإعراض عن مقتضى الشّهوات هو الّذي يجلو القلب و يصفيه
و لذلك قال تعالى: وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا[2] و قال
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «من عمل بما علم ورّثه اللّه علم ما لم يعلم»[3].
و الثالث أن يكون معدولا به عن جهة الحقيقة
المطلوبة، فإنّ قلب المطيع الصالح و إن كان صافيا فإنّه ليس يتّضح فيه جليّة الحقّ
لأنّه ليس يطلب الحقّ و لا يحاذي بمرآته شطر المطلوب، بل ربّما يكون مستوعب الهمّ
بتفصيل الطاعات البدنيّة أو بتهيئة أسباب المعيشة و لا يصرف فكره إلى التأمّل في
حضرة الرّبوبيّة و الحقائق الخفيّة الإلهيّة فلا ينكشف له إلّا ما هو متفكّر فيه
من دقايق آفات الأعمال و خفايا عيوب النّفس إن كان متفكّرا فيها أو في مصالح
المعيشة إن كان متفكّرا فيها