نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 124
(بيان الطريق في رياضة الصبيان) (في أوّل
النشوء و وجه تأديبهم و تحسين أخلاقهم)
اعلم أنّ الصبيّ أمانة عند والديه، و قلبه
الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية عن كلّ نقش و صورة، و هو قابل لكلّ نقش و مائل إلى
كلّ ما يمال به إليه فإن عوّد الخير و علّم نشأ عليه و سعد في الدّنيا و الآخرة
شاركه في ثوابه أبواه، و كلّ معلّم له و مؤدّب، و إن عوّد الشرّ و أهمل إهمال
البهائم شقي و هلك، و كان الوزر في رقبة القيّم به و الوالي عليه، و قد قال اللّه
تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ
أَهْلِيكُمْ ناراً[1] و مهما كان الأب يصونه من نار الدّنيا فبأن يصونه من
نار الآخرة أولى و صيانته بأن يؤدّبه و يهذّبه و يعلّمه محاسن الأخلاق و يحفظه من
القرناء السوء و لا يعوّده التنعّم و لا يحبّب إليه الزّينة و أسباب الرّفاهية
فيضع عمره في طلبها إذا كبر و يهلك هلاك الأبد بل ينبغي أن يراقبه من أوّل أمره
فلا يستعمل في حضانته و إرضاعه إلّا امرأة صالحة متديّنة تأكل الحلال فإنّ اللّبن
الحاصل من الحرام لا بركة فيه، فإذا وقع عليه نشوء الصبيّ انعجنت طينته من الخبث
فيميل طبعه إلى ما يناسب الخبائث، و مهما بدا فيه مخايل التمييز فينبغي أن يحسن
مراقبته و أوّل ذلك ظهور أوائل الحياء، فإذا كان يحتشم و يستحيي و يترك بعض الأفعال
فليس ذلك إلّا لإشراق نور العقل عليه، حتّى رأى بعض الأشياء قبيحا و مخالفا للبعض،
فصار يستحيي من شيء دون شيء، و هذه هديّة من اللّه تعالى إليه و بشارة تدلّ على
اعتدال الأخلاق و صفاء القلب، و هو مبشّر بكمال العقل عند البلوغ فالصبيّ المستحيي
لا ينبغي أن يهمل بل يستعان على تأديبه بحيائه و تمييزه، و أوّل ما يغلب عليه من
الصفات شره الطعام فينبغي أن يؤدّب فيه مثل أن لا يأخذ الطعام إلّا بيمينه، و
يقول: «بسم اللّه» عند أخذه، و يأكل ممّا يليه، و لا يبادر إلى الطّعام قبل غيره،
و لا يحدق إلى الطعام و لا إلى من يأكل، و لا يسرع في الأكل و يمضغ-