نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 125
الطعام مضغا جيّدا و لا يوالي بين اللّقم و
لا يلطخ ثوبه و لا يده، و يعوّد الخبز القفار[1] في بعض
الأوقات حتّى لا يصير بحيث يرى الادم حتما، و يقبّح عنده كثرة الأكل بأن يشبه من
يكثر الأكل بالبهائم، و بأن يذمّ بين يديه الصبيّ الّذي يكثر الأكل، و يمدح بين
يديه الصبيّ المتأدّب القليل الأكل، و يحبّب إليه الإيثار بالطعام و قلّة المبالاة
به، و القناعة بالطعام الخشن أيّ طعام كان، و يحبّب إليه من الثياب البيض دون الملوّن
و الإبريسم، و يقرّر عنده أنّ ذلك شأن النساء و المخنّثين و أنّ الرّجال يستنكفون
منه، و يكرر عليه ذلك، و مهما رأى على صبيّ ثوبا من إبريسم أو ملوّن فينبغي أن
يستنكر و يذمّ ذلك، و يحفظ الصبيّ عن الصبيان الّذين تعوّدوا التنعّم و الترفّه، و
لبس الثياب الفاخرة، و عن مخالطة كلّ من يسمعه ما يرغّبه فيه، فإنّ الصبيّ إذا
أهمل في ابتداء نشوءه خرج في الأكثر رديّ الأخلاق، كذّابا حسودا سروقا نمّاما
لجوجا ذا فضول و ضحك، و كياد، و مجانة، و إنّما يحفظ عن جميع ذلك بحسن التأديب،
ثمّ ينبغي أن يشتغل في المكتب بتعلّم القرآن و بأحاديث الأخيار و حكايات الأبرار و
أحوالهم لينغرس في نفسه حبّ الصالحين، و يحفظ عن الأشعار الّتي فيها ذكر العشق و
أهله، و يحفظ عن مخالطة الأدباء الّذين يزعمون أنّ ذلك من الظرف و رقّة الطّبع،
فإنّ ذلك يغرس في قلوب الصبيان بذر الفساد.
ثمّ مهما ظهر من الصبيّ خلق جميل و فعل
محمود فينبغي أن يكرم عليه و يجازى لأجل ذلك بما يفرح به و يمدح بين أظهر الناس،
فإن خالف ذلك في بعض الأحوال مرّة واحدة فينبغي أن يتغافل عنه، و لا يهتك ستره، و
لا يكاشف به، و لا يظهر له أنّه يتصوّر أن يتجاسر أحد على مثله لا سيّما إذا ستره
الصبيّ و اجتهد في إخفائه فإنّ إظهار ذلك ربما يفيده جسارة حتّى لا يبالي
بالمكاشفة بعد ذلك فإن عاد ثانيا فينبغي أن يعاتب سرّا و يعظم الأمر فيه، و يقال
له: إيّاك أن يطّلع عليك في مثل هذا أحد فتفتضح بين يدي الناس و لا تكثر القول
عليه بالعتاب في كلّ حين فإنّه يهوّن عليه سماع الملامة و ركوب القبايح و يسقط وقع
الكلام من قلبه، و ليكن الأب