نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 105
و أرسخ، و إنّما مقصود العبادات تأثيرها في
القلب و إنّما تتأكّد آثارها بكثرة المواظبة على العبادات، و غاية هذه الأخلاق أن
ينقلع عن النفس حبّ الدّنيا و يترسّخ فيها حبّ اللّه تعالى، فلا يكون شيء أحبّ
إليه من اللّه سبحانه و من لقاء اللّه، فلا يستعمل جميع ماله إلّا على الوجه الّذي
يوصله إليه، و غضبه و شهوته من المسخّرات له فلا يستعملهما إلّا على الوجه الّذي
يوصله إلى اللّه سبحانه، و ذلك بأن يكون موزونا بميزان الشرع و العقل، ثمّ يكون مع
ذلك فرحا به و ملتذّا، و لا ينبغي أن يستبعد مصير الصلاة قرّة عين و مصير العبادات
لذيذة فإنّ العادة تقتضي في النفس عجائب أعجب من ذلك، فإنّك ترى الملوك و
المتنعّمين في أحزان دائمة، و يرى المقام المفلس قد يغلب عليه من اللّذّة و الفرح
بقماره و ما هو فيه ما يستنكر معه فرح الناس بغير القمار، مع أنّ القمار ربما سلب
ماله و أخرب داره و تركه مفلسا، و مع هذا فهو يحبّه و يلتذّ به، و ذلك لطول ألفه و
ردّه نفسه إليه مدّة، و كذلك اللّاعب بالحمام قد يقف طول نهاره في حرّ الشمس قائما
على رجليه و هو لا يحسّ بألمه لفرحه بالطيور و حركاتها و طيرانها و تحليقها في جوّ
السماء و عودها بل ترى الفاجر العيّار يفتخر بما يلقاه من الضرب و القطع و الصبر
على السياط و على أن يتقدّم به إلى الصلب، و هو مع ذلك متبجّح بنفسه و بقوّته في
الصبر على ذلك حتّى يرى ذلك فخرا لنفسه، حتّى يقطع الواحد منهم إربا إربا على أن
يقرّ بما تعاطاه أو تعاطاه غيره فيصرّ على الإنكار و لا يبالي بالعقوبات فرحا بما
يعتقده كمالا و شجاعة و رجوليّة، فقد صارت أحواله مع ما فيها من النكال قرّة عينه
و سبب افتخاره، بل لا حالة أخسّ و أقبح من حال المخنّث في تشبّهه بالاناث في نتف
الشعر و وشم الوجه و مخالطة النساء و ترى المخنّث في فرح بحاله و افتخار بكماله في
تخنّثه حتّى يتباهى به مع المخنّثين، حتّى يجري بين الحجّامين و الكنّاسين التفاخر
و المباهاة كما يجري بين الملوك و العلماء، و كلّ ذلك نتيجة العادة و المواظبة على
نمط واحد على الدّوام مدّة مديدة، و مشاهدة ذلك من المخالطين و المعارف، فإذا كانت
النفس بالعادة تستلذّ الباطل و تميل إليه و إلى القبايح فكيف لا تستلذّ الحقّ لو
ردّت إليه مدّة
المحجة
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 105